مثل الروم ، والإشمام (١٠٢) في النحو. وفي الجملة فإن للإفرنج حركات في هذا الفن خارجة عن ذوقنا وأخرى لا يمكن محاكاتهم بها ، وممّا مرّ تفصيله تعلم أن إنشادهم في الحماسة والفخريات غير معروف عندنا ، وإنّ مطلق الصوت عندنا غير معروف عندهم ، ومن الغريب أنه مع كثرة ما عندهم من الآلات والأدوات فقد فاتهم العود على محاسنه والناي من القصب ، فإن نايهم هو بمنزلة الزمر عندنا على أن أكثر العلماء قرّر أن أصل الموسيقى مأخوذ عن صوت الريح في القصب ، وقال بعض : إنه عن صداح الطير. وغيره : إنه عن خرير الماء. وآخرون : إنّه عن أصوات مطارق طوبال قين. وأول من ضبط أصول هذا الفن يوبال وذلك في سنة ٨٠٠ قبل الميلاد. وكان اختراع الناي في سنة ١٥٠٦ ونسب إلى هيجنيس.
استخراج علم العروض
وعلى ذكر مطارق القين فقد ورد في شرح مقامات الحريري في ترجمة الخليل أن أول من استخرج العروض وحصر أشعار العرب به الخليل بن أحمد أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي. وكان سببه أنّه مرّ بالبصرة في سوق القصّارين فسمع الكدنيق أي المطرقة بأصوات مختلفة ، سمع من دار «دق» ، وسمع من أخرى «دق دق» ، وسمع من أخرى «دقق دقق» ، فأعجبه ذلك ، فقال : والله لأضعن على هذا المعنى علما غامضا ، فوضع العروض على حدود الشعر الخ.
__________________
(١٠٢) الإشمام عند جمهور النحاة هو : صبغ الصوت اللغوي بمسحة من صوت آخر ، مثل نطق كثير من قيس وبني أسد لأمثال : قيل وبيع بإمالة نحو واو المدّ ، ومثل إشمام الصاد صوت الزاي في قراءة الكسائي. (م).