تَأوُّهَ الْمَجْهُودِ ، طَوِيلَ الرُّکُوعِ وَالسُّجُودِ. زَاهِداً فِي الدُّنْيا إذْ زُهِدَ الرَّاحِلُ عَنْهَا (١) ، نَاظِراً إلَيهَا بِعَينِ الْمُسْتَوْحِشِ مِنْهَا. آمَالُکَ عَنْهَا مَکْفُوفَهٌ ، وَهِمَّتُکَ عَنْ زِينَتِهَا مَصْرُوفَهٌ ، وَلِحَاظُکَ عَنْ بَهْجَتِهَا مَطْرُوفَهٌ ، وَرَغْبَتُکَ فِي الْآخِرَهِ مَعْرُوفَهٌ. حَتَّي إذَا الْجَوْرُ مَدَّ بَاعَهُ ، وَأسْفَرَ الظُّلْمُ قِنَاعَهُ ، وَدَعَا الْغَي أتْبَاعَهُ ؛ وَأنْتَ فِي حَرَمِ جَدِّکَ قَاطِنٌ ، وَلِلظَّالِمِينَ مُبَاينٌ ؛جَلِيسُ الْبَيتِ وَالْمِحْرَابِ ، مُعْتَزِلٌ عَنِ اللَّذَّاتِ وَالْأحْبَابِ ؛ تُنْکِرُ الْمُنْکَرَ بِقَلْبِکَ وَلِسَانِکَ ، عَلَي حَسَبِ طَاقَتِکَ وَإمْکَانِکَ. ثُمَّ اقْتَضَاکَ الْعِلْمُ لِلْإنْکَار ، وَأرَدْتَ أنْ تُجَاهِدَ الکُفَّارَ (٢). فَسِرْتَ فِي أوْلَادِکَ وَأهَالِيکَ وَشِيعَتِکَ وَمَوَالِيکَ وَصَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَالْبَينَهِ وَدَعَوْتَ إلَي اللَّهِ بِالْحِکْمَهِ وَالْمَوْعِظَهِ الْحَسَنَهِ. وَأمَرْتَ بِإقَامَهِ الْحُدُودِ ، وَطَاعَهِ الْمَعْبُودِ؛ وَنَهَيتَ عَنِ الْخِيانَهِ وَالطُّغْيانِ ، فَوَاجَهُوکَ بِالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ. فَجَاهَدْتَهُمْ بَعْدَ الْإيعَادِ إلَيهِمْ ، وَتَأْکِيدِ الْحُجَّهِ عَلَيهِمْ. فَنَکَثُوا ذِمَامَکَ وَبَيعَتَکَ ، وَأسْخَطُوا رَبَّکَ ، وَأغْضَبُوا جَدَّکَ ، وَأنْذَرُوکَ بِالْحَرْب ، فَثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَالضَّرْبِ وَطَحْطَحْتَ جُنُودَ الْکُفَّارِ وَشَرَّدْتَ جُيوشَ الْأشْرَارِ وَاقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ الْغُبَارِ ، مُجَالِداً بِذِي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ في «ب» : زُهْدَ الرَّاحِلِ عَنْهَا.
٢ ـ في «ب» : وَألْزَمَکَ أنْ تُجَاهِدَ الْکُفَّارَ.