الْفَقَارِ ، کَأنَّکَ عَلِي الْمُخْتَارُ.
فَلَمَّا رَأوْکَ ثَابِتَ الْجَأْشِ ، غَيرَ خَائِفٍ وَلَا خَاشٍ ، نَصَبُوا لَکَ غَوَائِلَ مَکْرِهِمْ ، وَقَاتَلُوکَ بِکَيدِهِمْ وَشَرِّهِمْ ؛ وَأجْلَبَ اللَّعِينُ عَلَيکَ جُنُودَهُ ، وَمَنَعُوکَ الْمَاءَ وَوُرُودَهُ ؛ وَنَاجَزُوکَ الْقِتَالَ ، وَعَاجَلُوکَ النِّزَالَ ، وَرَشَقُوکَ بِالسِّهَامِ ، وَبَسَطُوا إلَيکَ الْأکُفَّ لِلِاصْطِلَامِ ، وَلَمْ يرْعَوْا لَکَ الذِّمَامَ ، وَلَا رَاقَبُوا فِيکَ الْأنَامَ (١) ، وَفِي قَتْلِهِمْ أوْلِياءَکَ ، وَنَهْبِهِمْ رِحَالَکَ ، وَأنْتَ مُقَدَّمٌ فِي الْهَبَوَاتِ ، مُحْتَمِلُ لِلْأذِياتِ (٢) ، وَقَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِکَ مَلَائِکَهُ السَّمَاوَاتِ ، وَأحْدَقُوا بِکَ مِنْ کُلِّ الْجِهَاتِ ، وَأثْخَنُوکَ بِالْجِرَاحِ ، وَحَالُوا بَينَکَ وَبَينَ مَاءِ الْفُرَاتِ. وَلَمْ يبْقَ لَکَ نَاصِرٌ ، وَأنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ ، تَذُبُّ عَنْ نِسْوَانِکَ وَأوْلَادِکَ ، فَهَوَيتَ إلَي الْأرْضِ طَرِيحاً ، ظَمْآنَ جَرِيحاً ، تَطَؤُکَ الْخُيولُ بِحَوَافِرِهَا ، وَتَعْلُوکَ الطُّغَاهُ (٣) بِبَواتِرِهَ؛ قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِينُکَ ، وَاخْتَلَفَتْ بِالِانْبِسَاطِ وَالِانْقِبَاضِ شِمَالُکَ وَيمِينُکَ ، تُدِيرُ طَرَفاً مُنْکَسِراً إلَي رَحْلِکَ ، وَقَدْ شُغِلْتَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ في «خ ل ز» : الآثَامَ
٢ ـ في «خ ل ز» : لِإيذَاتِ.
٣ ـ في «خ ل ز» : البُغَاهُ.