تأثير في سلوك الانسان .
وإذا تصوّرنا أن العوامل الخارجية المتمثّلة بقوانين العقوبات الوضعية ـ وما فيها من السجن والاعدام والابعاد وغيرها ـ قادرة على كبح جماح النفس الانسانية وسيرورتها باتجاه تطبيق اُسس الصلاح والهداية ، فإن الواقع يشير إلى فشل تلك العوامل في اجتثاث جذور الشرّ والفساد وضمان السعادة والكمال والأمن ، سواء على صعيد الفرد أو المجتمع .
ذلك لأنّ تلك القوانين إذا كانت قد نجحت في ردع المجرمين والأشرار من الرعية ، بانزال أقصى العقوبات بهم ، فإنّها قد أفلست في الحدّ من انحرافات أصحاب القرار السياسي ، وأصبحت قاصرة أمام المتسلّطين الذين يتلاعبون بمقدّرات الشعوب ، ويبتزّون أموالهم ويغتصبون حقوقهم تحت غطاء قانوني مصطنع يوفّر لهم الحماية والأمان .
ثم إنّ العوامل الخارجية المؤثرة في سلوك الفرد ، بما فيها من قوانين العقوبات التي تواضعت عليها أنظمة الحكم في أغلب الدول ، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقوة الدولة وهيبة سلطتها الحاكمة وسلامة أدواتها التنفيذية ، وحينما تفقد الدولة تلك القوة والهيبة ، ويستشري الفساد في أوصالها ، فلا قيمة لتلك القوانين ، وليس لها أدنى هيبة أو احترام .
وإذا افترضنا نجاح
القوانين الوضعية في ردع المجرمين من الرعية والحاكمين ، مع وجود القانون الذي يضمن استمرار قوة الدولة وفاعلية مؤسساتها التنفيذية ، فإنّ في جنبات الإنسان منطقة فراغ لا تطالها مراقبة السلطة ، ولا تصلها سلطة القانون ، ومن تلك المنطقة تحدث الجرائم والانحرافات الشاذة ، بعيداً عن الأضواء الكاشفة ، بسبب شهوات النفس