يستفاد التجرد من كثير من الأخبار (١) .
وكان ابن سينا يؤمن بتجرد القوة العاقلة فقط ، لكن صدر المتألهين الشيرازي يؤمن أن جميع القوى الحيوية للانسان لها وجهة مادية ووجهة تجردية ، وأن جميع القوى المادية للانسان ترافقها قوى مجرّدة بحيث إن الانسان عندما يموت لا ينفصل عنه العقل لوحده ، بل العقل والخيال والذاكرة والباصرة والسامعة . (٢)
استدل كثير من فلاسفة المسلمين ومتكلميهم على كون الروح مجردة عن صفات البدن وأعراضه ، ولا تفنى بالموت ، بل تبقى خالدة ، إما في نعيم وسعادة ، أو في جحيم وشقاوة ، بأدلة نقلية وعقلية كثيرة نذكر منها :
أولاً ـ الأدلة القرآنية ، وهي تشتمل على ما يلي :
١ ـ الآيات القرآنية الدالة على أن أرواح الشهداء والصدّيقين لا تموت بموت البدن ولا تفنى بفنائه وتبدد أجزائه ، بل تبقى في عيش هنيء ونعيم مقيم ، كقوله تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ ) (٣) ، وقوله تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . . . ) (٤) وقوله تعالى : ( يَا أَيَّتُهَا
__________________________
١) حق اليقين / عبد الله شبر ٢ : ٤٨ .
٢) راجع : المعاد / مطهري : ١٦٩ ـ ١٧٠ ، فلسفتنا / الشهيد الصدر : ٣٣٥ ـ دار التعارف ـ بيروت .
٣) سورة البقرة : ٢ / ١٥٤ .
٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٦٩ .