وحينما يُعرَضون على النار ويرون عذابها تتقطّع أنفسهم حسرات من شدة الندم ، فيظهرون البراءة من كبرائهم وساداتهم ، وتتوارد عليهم الأماني ، فيقولون : ( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) (١) ، وكلّ منهم يقول : ( يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) (٢) و ( يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) (٣) وأنّى لهم الندم وهم في محضر اليوم العسير ؟ !
ويضجّون حسرّة على ما فرّطوا في الدنيا ، فيطلبون العودة إليها ، ليعملوا صالحاً ويكونوا من المؤمنين ، ويتعالى هتافهم : ( فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) ويصرخون : ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ) (٥) .
وتلك الأماني لا تعدو كونها سراباً بقيعة ، لأنّهم في عالم الجزاء ، عالم لا تنفع فيه الطاعة والانابة وإظهار الندم ، ولو كانوا صادقين لأنابوا وتابوا وهم في دار التكليف والعمل ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) (٦) .
ومن هنا يأتيهم الجواب : ( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) (٧)
__________________________
١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦٦ .
٢) سورة الفجر : ٨٩ / ٢٤ .
٣) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٨ .
٤) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٠٢ .
٥) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٧ .
٦) سورة الأنعام : ٦ / ٢٨ .
٧) سورة الأنعام : ٦ / ٣٠ .