قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري (١) ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنبأ بكار بن محمّد ، قال : صحبت ابن عون دهرا من الدهر حتى مات ، وأوصى إلى أبي ، فما سمعته حالفا على يمين برّه ولا فاجره حتى فرق الموت بيننا.
قال : وكان ابن عون (٣) يصوم يوما ويفطر يوما حتى مات.
قال : وما رأيت بيد ابن عون دينارا ولا درهما قط ، ولا رأيته يزن (٤) شيئا قط ، وكان إذا توضأ للصلاة لا يعينه عليه أحد ، وكان يمسح وجهه بالمنديل (٥) إذا توضأ أو بخرقة.
قال : وكان لا يبكر إلى الجمعة ذاك التبكير الذي يعرف ولا يؤخرها ، وكانت أحب الأمور إليه أوساطها (٦) والاختلاط بالجماعة ، وكان يغتسل للجمعة والعيدين ، ويتطيّب للجمعة والعيدين ، ويرى ذلك سنّة ، وكان طيّب الريح في سائر الأيام ، لين الكسوة ، وكان يلبس للجمعة والعيدين أنظف ثيابه ، وكان يأتي الجمعة ماشيا وراكبا ، ولا يقيم بعد صلاة الجمعة ، وكان في شهر رمضان لا يزيد على المكتوبة في الجماعة ، ثم يخلو في بيته ، وكان إذا خلا في منزله إنما هو صامت لا يزيد على الحمد لله ربّنا.
قال : وكان ابن عون إذا وصل إنسانا (٧) وصله سرا ، وإذا صنع شيئا صنع (٨) سرا ، يكره أن يطّلع عليه أحد.
قال (٩) : وكان لابن عون سبع يقرأه كل ليلة ، فإذا لم يقرأه بالليل أتمّه بالنهار.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١٠) ، نا سليمان بن حرب ، نا عبّاد بن عبّاد المهلّبي ، قال : سأل رجل ابن عون عن الوتر ، أي متى يوتر؟ قال : فحدّثه
__________________
(١) زيد في ل : ح وحدثنا عمي ، أنا أبو طالب ، أنا الجوهري قراءة إلى.
(٢) طبقات ابن سعد ٧ / ٢٦٣.
(٣) «ابن عون» ليس في ل.
(٤) عن ابن سعد ول ، وبالأصل : «يرى».
(٥) عن ابن سعد ول ، وبالأصل : بالمندل.
(٦) الأصل ول ، وفي ابن سعد : أوسطها.
(٧) زيد في ابن سعد : بشيء.
(٨) في ابن سعد : صنعه.
(٩) طبقات ابن سعد ٧ / ٢٦٦.
(١٠) المعرفة والتاريخ ٢ / ٢٤٨.