الطير ، لهم خشوع وخضوع ليس أراه لأحد ، وكان يرد عليهم : وعليكم السلام ورحمة الله ، وكان لا يدع أحدا من أصحاب الحديث ولا غيرهم يتّبعه ، واتّبع ابن عون محمّد بن سيرين يوما ، فقال : ألك حاجة؟ قال : لا ، قال : فانصرف ، وما رأيت ابن عون يمازح أحدا ، ولا يماري أحدا ، ولا ينشد شعرا ، وكان مشغولا بنفسه.
قال : وأنا ابن سعد (١) ، أخبرنا بكار بن محمّد ـ يعني ـ السّيريني قال : ما رأيت ابن عون يمازح أحدا ، ولا يماري أحدا ، ولا ينشد شعرا ، وكان مشغولا بنفسه ، وكان ابن عون إذا صلى الغداة مكث مستقبل (٢) القبلة في مجلسه يذكر الله ، فإذا طلعت الشمس صلّى ثم أقبل على أصحابه.
قال بكّار : وما رأيت ابن عون شاتما أحدا قط ، عبدا ولا أمة ، ولا شاة ، ولا دجاجة ، ولا شيئا ، ولا رأيت أحدا أملك للسانه منه.
قال : وأنا ابن سعد (٣) ، أنا بكار بن محمّد ، قال : كان ابن عون قد سمع بالكوفة علما كثيرا ، فعرضه على محمّد ، فما قال محمّد : ما أحسن هذا ، حدث به ، وما كان سوى ذلك أمسك عنه حتى مات ، وكان إذا حدّث بالحديث تخشع (٤) عنده حتى ترحمه ، مخافة أن يزيد أو ينقص.
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأ أبو نعيم (٥) ، نا أبو محمّد بن حيّان ، نا أحمد بن نصر ، نا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، حدّثني بكار بن محمّد ، قال : صحبت ابن عون دهرا من الدهر حتى مات ، وأوصى إلى أبي فما سمعته حالفا على يمين برّة ولا فاجرة حتى فرّق بيننا الموت.
قال : وأنا أبو نعيم (٦) ، نا محمّد بن أحمد الجرجاني ، نا بكر (٧) بن أحمد بن سعدويه ، نا محمّد بن يحيى الأزدي ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا قرّة بن خالد قال : كنا
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٧ / ٢٦٣.
(٢) كذا بالأصل وابن سعد ، وفي ل : مستقبلا ، وهو الصواب.
(٣) طبقات ابن سعد ٧ / ٢٦٢.
(٤) عن ابن سعد وبالأصل : خشع.
(٥) حلية الأولياء ٣ / ٣٩.
(٦) حلية الأولياء ٣ / ٣٩ ـ ٤٠ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٤١ ـ ١٦٠ ص ٤٦٠).
(٧) عن الحلية ول ، وبالأصل : بكثير.