الحجاز ، وزيارة شريف مكة المكرمة عبد المطلب بن غالب ، الذي كان موجودا آنذاك في الطائف.
كان يحكم مصر إبّان زيارة ديدييه ، عباس باشا بن طوسون باشا بن محمد علي (١٨٤٨ م ـ ١٨٥٤ م). وقتل عباس في يوليو (تموز) عام ١٨٥٤ م ؛ أي سنة قيام ديدييه بالرحلة. ويسجل ديدييه ظروف مقتل عباس الذي يلقى من ديدييه هجوما عنيفا ، وانتقادا لاذعا ساخرا ، شأنه شأن الكتاب والرحالة والسياسيين ، والعسكريين الفرنسيين الذين بالغوا في انتقاد عباس باشا بسبب ميله إلى البريطانيين ، واستبعاده الفرنسيين من خدمته ، فأقصى معظم الخبراء الذين كانوا في خدمة جده محمد علي ، فتضاءل النفوذ الفرنسي في عهد عباس ، ولم يعد إلى الظهور إلّا في عهد سعيد باشا. ويندرج نقد ديدييه لعباس باشا في هذا الإطار ، وإن كان ديدييه يلبسه لبوسا إنسانيا يبدو من خلاله حريصا على البلد ومواطنيه ، ويردد ما ذكره الفرنسيون عن عباس مثل قول غابريل هانوتوGabriel Hanotaux ، الذي يرى أنه لم تتم في عهد عباس أي إنجازات ضخمة أو عظيمة" باستثناء بناء القصور في المناطق المنعزلة" (١).
أما في الحجاز ، فقد كان شريف مكة عبد المطلب بن غالب في فترة شرافته الثانية التي امتدت من عام ١٨٥١ ـ ١٨٥٦ م / ١٢٦٧ ـ ١٢٧٣ ه ، وكان عبد المطلب يقضي الصيف في الطائف ، عندما نشب خلاف بينه وبين باشا جدة ، ونجد فيما يقوله ديدييه ، أصداء ذلك الخلاف بين الباشا والشريف. ويقول سنوك
__________________
(١) انظر : مصر في كتابات الرحالة الفرنسيين في القرن التاسع عشر ، د. إلهام محمد علي ذهني ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٩٥ م ، ص ٣٧.