هورخرونيه عن سياسة عبد المطلب في هذه الفترة : " ... وعندما تسلم عبد المطلب زمام الأمور في مكة ، أظهرت تصرفاته ، أنه لا يحسن تقدير أولئك الأشخاص الذين كان يتملقهم في إسطنبول كلما لزم الأمر. فما إن وصل إلى مكة حتى توجه إلى بلاد حرب ، حيث بنى لنفسه بعض الحصون في هذه المنطقة المحمية من هجمات الحكومة ، بقصد اللجوء إليها في حالة وقوع صراع في المستقبل. وقد دخل في خلاف مع الباشا الذي حضر احتفال تنصيبه في السلطة. وتمكن بواسطة نفوذه عند الصدر الأعظم ، من تغيير الباشا وتعيين باشا آخر. غير أن الصداقة بينهما لم تدم طويلا أيضا فقد انتهت بسرعة. فعندما أطلقت بعض العيارات النارية التي اخترقت طربوش الباشا ، في أثناء وجوده في المثناة بالطائف التي كان يقضي الشريف فيها فترة الصيف (١) لم يستطع الباشا أن يتصور أن حدوث ذلك كان صدفة ، بل إنه أمر وقع بتدبير من الشريف نفسه. ومرة أخرى تم تغيير الباشا ، والسبب هو شك الشريف
__________________
(١) في هذا الصيف زاره ديدييه ، وتحدث عن حادثة جرت بين حراس حرم الشريف الأكبر السلواتي كنّ في بستان يملكه الشريف في وادي المثناة واسمه : الشريعة ، وبين الباشي بوزوق الذين كانوا يرافقون والي جدة العثماني أحمد عزت باشا. وقد حاول هؤلاء الجنود دخول بستان الشريعة عنوة ، واستفزوا خدم الشريف واشتبكوا معهم وسالت دماء الجانبين ، ولما وصلت الأنباء إلى البدو ، سارعوا إلى المكان مسلحين ، ولكن الأتراك كانوا قد غادروه. ولما وصل خبر الحادثة إلى أسماع الباشا ، حل به الخوف ، وهرب من الطائف على وجه السرعة خوفا من ثورة البدو عليه. ولم تفلح مساعي الشريف الأكبر وإلحاحه في ثنيه عن الذهاب إلى جدة. هذا ما يرويه ديدييه في رحلته (ص / ٢٥٧ / ، من الأصل الفرنسي الذي وضعنا أرقامه في الأصل بين //). ويبدو أن إطلاق النار على الباشا ، تم خلال هذه الحادثة وبذلك تكتمل الصورة. انظر : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، سنوك هور خرونيه ، نقله إلى العربية د. علي عودة الشيوخ ، أعاد صياغته وعلّق عليه د. محمد محمود السرياني ود. معراج نواب مرزا.