كان على متنه ، ناهيك عن الريس ، فريق مكون من عشرة بحارة ، وعبد أسود صغير ، رشيق ونبيه ، كان في الوقت نفسه يعمل نوتيا وخادما للجميع. وكانوا يعاملونه معاملة إنسانية لائقة ، ولم أره خلال خمسة عشر يوما قضيتها على ظهر السنبوك يعاقب إلّا مرة واحدة ، وبلطف شديد. وأجدني مدفوعا إلى الاعتراف ، لكي أظل صادقا ، أن السنبوك كان يعج بالجراذين ، وبتشكيلة كبيرة من الهوام ؛ ولكنني أضيف مسرعا أن تلك الهوام كانت كما يبدو قد اعتادت العرب ، وظلت وفية لهم ، ولم ينلنا منها إلا إزعاج بسيط.
تلك هي السفن المستخدمة في البحر الأحمر ، إنها آلات خفيفة لملاحة صعبة. يعدّ هذا البحر واحدا من أخطر البحار / ٩٥ / التي نعرفها : تقطعه وتعبره في كل الاتجاهات تيارات مائية ، وتملؤه الصخور البحرية والشعاب المرجانية ، وهو ، ناهيك عن ذلك ، معرض لعواصف هوائية عاتية ، يجعلها تقارب الشاطئين والجبال كثيرة الحدوث ، والتغير ؛ لذلك كثيرا ما تغرق السفن فيه ، على الرغم من حذر البحارة الشديد ووجلهم. لقد علمتني تجربتي ، كما سنرى ، أن هذا البحر غير مفترى عليه ، وإن كنت لم أهلك فيه ، فقد أوشكت على ذلك ، وإنني أدين بخروجي سالما لحماية السماء وصلابة السنبوك.
أبحرنا من الطور فجرا ، وكان الهواء طوال اليوم مؤاتيا ، وها نحن قريبا نتجاوز رأس محمد ، الذي يعد الحد الأقصى لشبه جزيرة سيناء. وفي المساء ، وعلى الرغم من أن الهواء كان ما يزال مؤاتيا ، فإنه أصبح عنيفا ، يثير القلق ، وهاج البحر ، وأصبحت الأمواج تتقاذفنا بعنف شديد ، ونحن في زورقنا السريع العطب.