أو ستة أيام من المسير ، وعلى بعد ١٤ يوما من العقبة ، على طريق قافلة أخرى ؛ هي قافلة دمشق ، آثار في غاية الروعة ؛ إنها مدائن صالح (١) ؛ حيث مازلنا نرى هناك منازل يبلغ عددها بين ٨٠ إلى ٩٠ منزلا ، منحوتة ومحفورة في الصخور ، وهي كلها تقريبا مؤلفة من صالة كبيرة ، ومن عدد من المقاصير الصغيرة ، ومن مكان للصلاة ، ويوجد على أبواب أغلبها نقوش تمثل نسورا ، ولكن الحجاج حطموا كل ما وصلت إليه أيديهم منها ، وظل عدد قليل منها لم تمتد إليه يد التحطيم. وإن على الصخور المستخدمة في بناء جدران هذه البيوت الغربية نقوشا لم يستطع أحد فك رموزها أبدا ، أو الوصول إليها بسبب علوها : إننا نجهل اللغة التي كتبت بها تلك النقوش (٢). ويوجد في هذا المكان آبار كثيرة ولكن ماءها مر ، وهواؤها فاسد ، ويظن الناس أنه مشحون بالسموم. ويعدّ المسلمون هذا المكان من الجزيرة العربية مكانا مشؤوما منذ الأحداث التي رافقت قصة ناقة النبي صالح عليهالسلام (٣).
__________________
(١) تحدث عنها بالتفصيل هاري سنت جون فيلبي في كتابه : أرض الأنبياء ، مدائن صالح ، تعريب عمر الديراوي ، منشورات المكتبة الأهلية ، بيروت ، ١٩٦٢ م ؛ وانظر : مدائن صالح ، محمد عبد الحميد مرداد ، المكتبة الصغيرة ، ٢٩ ، د. ن. ، ط. ٢ ، ١٣٩٩ ه / ١٩٧٧ م ؛ وانظر : شمال الحجاز ، أ. موسل ، نقله إلى العربية د. عبد المحسن الحسيني ، الإسكندرية ، ١٩٥٢ م ، ص ٦٩ ـ ٩٦.
(٢) بل إنها كتبت بالخط النبطي المعروف. وهناك دراسات كثيرة تمت عليها ، ولعل الاطلاع على كتب الدكتور سليمان الذييب المتعلقة بنقوش شمال غرب المملكة تغني في هذا المجال.
(٣) في الأصل : منذ هياج الجمل المعروف الذي روضه النبي صالح :
depuis la revolte d\'un chameau traditionnel dompte par le prophete Salih.
وأثبتنا في الأصل ما هو ثابت في نص القرآن الكريم عن قصة النبي صالح عليهالسلام. لأن ما أثبته المؤلف اختصار مخل للقصة المعروفة.