وإن قافلة الحج الشامية التي تجد نفسها مضطرة لعبور هذا المكان الملعون في الذهاب والإياب تفقد في كل مرة عددا من حجاجها ، وخصوصا أولئك الذين في قلوبهم مرض. / ١٠١ /
إذا ، أي مدينة هي تلك المدينة المجهولة ، المدفونة في حضن الصحراء؟ من أسسها؟ ومن سكنها؟ ومن هدّمها؟ إن وجودها مشكل ، ومصيرها لغز عويص. يخيم الصمت على ماضيها كما يخيم على آثارها. وإن كل ما قلته هنا هو ترداد لما أخبرت به ، لأن شيئا لم يكتب أبدا ، حسب علمي ، بخصوصها. وإنني إذ أقدم للقارئ ما انتهى إلى معرفتي من معلومات عنها فإنّني أدعوه إلى أن يأخذها مع الاحتفاظ بحق المراجعة ، كما فعلت ذلك أنا نفسي (١).
حصلت على هذه المعلومات من باشا المدينتين المقدستين الذي أكد لي أنه رأى الأمور بعينه ؛ وأقرّ أن ذلك ليس ضمانة صدق ، أو دقة. وليس هناك في الشرق ما هو أصعب من الحصول من أي كان ، وحول أي موضوع كان ، على معلومات ، وإن كانت إيجابية. وينبغي أن يسيطر الحس النقدي على أكثر الأقوال تأكيدا لمراقبتها. وتكمن الصعوبة في أبسط الأشياء ؛ فأنا على سبيل المثال أتحدى إن كان بالإمكان أن يعرف على وجه الدقة مقدار المسافة التي تفصل بين المكانين ، وكلما طرحت على الريس سؤالا من هذا النوع فإنه يصرخ في الإجابة قائلا : " إن الله مع الصابرين". لم ننزل
__________________
(١) قصّ علينا القرآن الكريم خبر قوم صالح في عدد من السور ، ونذكر هنا ما جاء في سورة الشمس حيث قال تعالى : (... كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥)).