إلى اليابسة أبدا في الأيام الثلاثة التالية وهي ٣ ، و ٤ ، و ٥ فبراير (شباط) ، وكنا على مسافة بعيدة عن الشاطئ حتى إننا لم نكن نراه في بعض / ١٠٢ / الأحيان.
كنا في الليل نتوقف في وسط البحر ، وكان الجو في الأيام الثلاثة المذكورة رائعا : لم يكن في السماء أي سحاب ، وكان البحر خفيف الموج ، ولم يكن هناك هواء إلّا ما يكفي لنشر أشرعتنا. وبعد أن كنّا قد تعرضنا لهزات عنيفة أصبحنا الآن نتحرك بلطف وكأننا في المهد.
كنت مستلقيا في مؤخرة المركب على سجادة غطينا بها الكوثل ، وكان هناك سجادة أخرى نصبت فوق رأسي تحميني من الشمس التي كانت شديدة الحرارة في هذا الفصل. كنت أقضي الوقت ، وأنا أحلم ، وأتأمل ، وأستنشق النسيم البحري ، وأنتشي بهذه السماء ، وبهذا البحر الرائع ، ومرت ساعات العبور الطويلة بسرعة ودون ملل. كان الساحل الأفريقي قد غاب عن الأنظار منذ فترة طويلة ، ولكن ساحل الجزيرة العربية أصبح ظاهرا للعيان منذ اليوم الأول ، كان محاطا بسلسلة من الجبال الحمراء التي كانت نتوءاتها الطويلة وقممها المسنونة تلفت النظر بتنوع أشكالها ، وكانت منذ طلوع الشمس حتى غيابها تتلون بكل الألوان ، وبكل ظلال الطيف الشمسي. وإن أكثر الجبال ظهورا من تلك السلسلة هي : جبل رعل (١) (رعال) ،
__________________
(١) جاء في معجم معالم الحجاز ، عاتق بن غيث البلادي ، دار مكة المكرمة ، ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م ، ج ٤ ، ص ٧٥" رعل أو رعال : مكان ذكره فيلبي وقال : يقع جنوب شرقي أم القرايا ، وإنه مقر شيخ قبيلة بلي المعروف بابن رفادة ، وترتفع رعال (٣٠٠٠) قدم وتشرف على وادي الحمض" ؛ وانظر : أرض الأنبياء ، مدائن صالح ، لفيلبي ، تعريب عمر الديراوي ، المكتبة الأهلية ، بيروت ، ١٩٦٢ ، ص ٣٣٣. وكتبت في الترجمة الإنجليزية لرحلة ديدييه ، موثق سابقا ، ص ٥٠Ghal وهو خطأ.