البلاد التي تنتج التمر ؛ لأن كل ما هو حلو المذاق يجذبه ، ولكن / ١١١ / أشجار النخيل بعيدة عن المدينة ، ولا يمكن القول : إنها سبب مثل هذا الغزو ؛ وينبغي البحث عن سبب آخر : وإن سألت السكان الأصليين فإنهم يجيبونك جادين ، وهم يعتقدون ذلك ، أن ملك الذباب وملكته يسكنان في ينبع ، وأن الذباب يأتي من كل أنحاء العالم ليؤدي لهما فروض الطاعة (١). ليس في المدينة إلّا بئر واحدة ، ماؤها أجاج ، والناس مجبرون للحصول على مياه الشرب على حفظ ماء المطر وسيول الشتاء في خزانات تم بناؤها لهذه الغاية ، وعندما ينقصهم الماء ، فإن عليهم الذهاب بعيدا جدا للبحث عنه في آبار عسيليّة مما يجعل ثمنه مرتفعا جدا. وليس في داخل المدينة إلّا شجرة أو شجرتان من النخيل منفردتان أمام المسجد ، وليس هناك أكثر من ذلك خارجها.
__________________
ـ (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١) وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤)).
(١) يقول بوكهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٣٨٨ : " وتعد ينبع أرخص مدن الحجاز من حيث أسعار المؤمن. ولأن ينبع فيها ماء طيب وتتبوأ موقعا يبدو أكثر ملاءمة من الناحية الصحية ، من موقع جدة ، لذا فقد كان المقام بها محتملا لو لا أسراب الذباب الهائلة التي تتخذ لها من هذا الساحل مأوى ، فلا أحد يخرج من بيته دون أن يحمل مروحة من الخوص في يده ليذب عن نفسه هذه الحشرات. ومن المحال أن يتناول إنسان طعامه دون أن يبتلع بعضا من هذه الحشرات التي تندفع إلى فمه لحظة فتحه.
وتشاهد سحب منها تحوم فوق المدينة ، وهي تتخذ من السفن التي ترسو خارج الميناء مأوى لها ، وتظل على السفينة طوال الرحلة".