إن أمنا جميعا التي حكم عليها أن تظل محتشمة ، على الرغم منها ، لقيت نتائج ما قامت به عندما امتهنت نفسها ، فكظمت غيظها. ولكن آدم عاد ، بعد خطئه ، إلى زوجته الشرعية ، وبعد المصالحة قاما معا برحلة عبر الجزيرة العربية ، فماتت حواء في هذا المكان عينه ، ودفنها زوجها ، وأجرى لها كل التشريفات التي تفرضها فضائلها الكثيرة. أما آدم الذي أصبح أرملا فقد تابع رحلته ، وذهب ليموت بدوره في جزيرة سيلان / ١٣٢ / ودفن هناك ، ولا تذكر القصة من دفنه ، ولا كيف عبر البحر. إن انتهاك المحارم المزدوج ، الذي قام به أحد الطرفين حقا ، والآخر كان ينويه ، فتح بطريقة لا أخلاقية سجل الحياة الأسرية للإنسانية (١). إن المسلمين ، وهم ممن يدافع بحزم عن الأسرة ، لا يرون في القصة شاهدا على حظر تعدد الزوجات ، وإنما يرونها دليلا قاطعا على أنه ليس من قوانين الكون أن يكون للمرء امرأة واحدة.
لقد حافظت النساء على مستوى والدتهن ، وظللن جديرات بتراثها على كل المستويات ، ولكن قامتهن أصبحت أكثر قصرا : لأن طول قبرها ليس أقل من ٦٠ مترا (٢) ؛ ويرتفع فوقه مسجد صغير تعلوه قبة بيضاء (٣). وتبدو بالطبع كل المدافن
__________________
(١) لا أدري من أين تلقط ديدييه هذه الترهات حول نبي الله وعبده أبي البشر آدم عليهالسلام ، ولعلها تكون من موبقات العهد القديم عن الرسل والأنبياء.
(٢) كذا في الأصل ولعل الصواب : ٦ أمتار.
(٣) تحدث بيرتون في رحلته عن قبر خارج مدينة جدة يعرف باسم" قبر أمنا حواء" وقدم له رسما تصويريا وقال إن المسافة بين الرأس والقدمين هي نحو ست خطوات. انظر : التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٥١ ـ ٥٢. ويورد عبد القدوس الأنصاري غير رأي عن قبر حواء عندما يتحدث عن اسم (جدة) ، وهو يذهب إلى القول إنها بضم ـ