الأخرى كئيبة إزاء هذه : بيد أن مدفن عثمان باشا وأسرته يثير الإعجاب. وليس للقبور أي زينة خارجية إلّا شاهدتان مستقيمتان منتصبتان ، إحداهما عند الرأس والأخرى عند القدمين ؛ ولكن كثيرا منها تظلله أشجار النخيل ، أو أشجار الصبار (١) ،
__________________
ـ الجيم لا كسرها ، وهو يدفع قول ابن المجاور الدمشقي الذي يقول إن الاسم هو (جدة) بكسر الجيم ، لأن أمنا حواء جدة البشر مدفونة فيها ، ويقول إن هذه الرواية أسطورية ولا يعقل أن يكون قبرها معروفا حتى اليوم. ويورد الأنصاري ما قاله ابن جبير من أن القبة التي على القبر كانت منزلا لحواء عندما توجهت إلى مكة ، وما قاله البتنوني من أن موضع القبر كان هيكلا عبدته قضاعة في الجاهلية. ويذكر أن عون الرفيق شريف مكة ـ كما ذكر البتنوني ـ حاول هدم القبة ، لكن قناصل الدول في جدة تفاهموا معه وديا على عدم هدمها لأن حواء ليست أم المسلمين وحدهم وإنما هي أم الناس جميعا. ثم ذكر الأنصاري أن القبة هدمت عندما دخلت الحكومة العربية السعودية جدة. انظر : موسوعة مدينة جدة ، عبد القدوس الأنصاري ، مج ١ ، ط ٤ ، القاهرة ، ١٩٨٢ م ، ص ٤٧ ـ ٤٩. وكتاب : التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٥٩ ـ ٦٠. ويذكر سنوك هورخرونيه أن الحجاج يزورون قبر أمنا حواء ، الذي يبلغ طوله بضع ياردات ، صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٣٣٦. وذكر بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٢٥ : " ... وعلى بعد ميلين شمالي جدة يمكن مشاهدة قبر حواء" أم البشر" وقد أخبرت أنه مبني من الحجارة بناء بدائيا ، وطوله حوالي أربعة أقدام ، وارتفاعه قدمان أو ثلاثة أقدام ، وعرضه مثل ذلك ، وبهذا فهو يشبه قبر نوح في وادي البقاع في الشام".
(١) لاحظ بيرتون نمو شجيرات الصبار بين الطوب والحجارة ، وذكر أن شجر الصبار يزرع في المقبرة كتعويذة ضد الأرواح الشريرة كما تعلق جلود التماسيح المحشوة بالتبن فوق المنازل في مصر. وقد عزا بوركهارت زراعة هذه الشجيرات إلى اسمها الذي يشير إلى" الصبر" الذي ينتظر به المؤمن يوم القيامة. التراث الشعبي ... ، موثق سابقا ، ص ٤٨.