الضارب إلى السمرة ، فإنّ الجلّاب علقوا عليها أملا كبير للحصول على ربح وفير. كانت الفتاة المسكينة معروضة في متجر مهجور في أكثر شوارع جدة سكانا ، كانت جالسة على مقعد يرتفع عن الأرض ثلاثة أقدام ، وكانت متسمرة عليه كأنها تمثال ، تنتظر من يشترونها في صمت عميق ، لقد ألقي عليها لسترها قطعة من قماش الكاليكو (١) الأبيض يلفها من رأسها إلى قدميها ؛ ولم تكن ترتدي أي شيء تحته ، كان ذلك كل ما ترتديه ، ولم يكن الراغبون فيها ، جادين كانوا أم لا ، يتورعون عن رفع ذلك الغطاء الرقيق من كل الاتجاهات ليتفحصوا ، كما يرغبون ، السلعة المعروضة كما يحدث عند شراء حصان أو رأس من الماشية. سبق لي أن رأيت في القاهرة ، وفي عدد من المرات / ١٤٠ / عروضا مشابهة ، وتساءلت غالبا عمّا تشعر به هذه المخلوقات ، وعن التناوب الذي يعتريهم بين الخوف والأمل كلما جاء قادم جديد يرغب في شرائهن.
كان الجلّاب (تاجر الرقيق) يرغب كل الرغبة في بيعي تلك الجارية ؛ مع أنه يعلم أنه لا يمكن للفرنسيين شراء العبيد إلّا لتحريرهم ، وأن كل عبد يشترونه يصبح حرا بمجرد أن تتم عملية الشراء. كان يطلب من أبناء جلدته ١٥٠٠ فرنك ثمنا لها (١٢
__________________
(١) Calicot ، ورد ذكره في رحلات بوركهارت ، انظر : الترجمة العربية ، موثق سابقا ، ص ١٧١ وكتبه المترجمان Calico ، وعرباه الكاليكو. وفي المنهل : عرباه كاليكوت (قماش قطني خشن يصنع أصلا في مدينة كاليكوت على شاطئ مالابار). وفي معجم روبير الصغير أن تاءها لا تلفظ ؛ وقد كتبناها حسب ذلك.