لأن أمراء مكة المكرمة كانوا خلال عدد من القرون منها. إن هذا المنصب يظل محصورا في أسرة واحدة على الرغم من أنه ليس وراثيا ؛ ولقد كان للشريف على الدوام ، وينبغي أن يكون الأمر كذلك اليوم ، خليفة ، وهذا الخليفة إن لم يكن ولده فهو على الأقل من أهله المقربين ، ويكون الخليفة عادة من ينتمي إلى الطرف الأقوى ، الذي يحدده الرأي العام من بين كل الآخرين. وعندما يتولى الشريف المختار ، زمام الأمور كائنا من كان ، فإن السلطان يصادق على تعيينه دون إبطاء ، ويتلقى من السلطان في كل عام خلعة ترسل له من إستانبول مع القفتانجي باشي (١). وقد آل الأمر إلى أن اقتصرت سلطة الباب العالي على مكة المكرمة وملحقاتها ؛ الطائف وينبع وبعض مدن الحجاز الأخرى ، على استلام الخلعة السنوية ، والدعاء للسلطان في الحرم خلال الصلوات العامة. لقد كان هناك ، كما هي الحال اليوم ، باشا تركي في جدة ، ولكن سلطته كانت اسمية محضة ، حتى إن أبا الشريف الأكبر ما قبل الأخير (٢) استولى لنفسه على عوائد الجمارك الموجودة في هذه المدينة (جدة) باسم السلطان ولحسابه. وقد حدث الشيء نفسه للقاضي الذي يتم إرساله سنويا من إستانبول لإقامة العدل ، والذي أصبح يتقاضى أجرا بلا عمل لأن القضايا كلها تعرض على الشريف(٣).
__________________
(١) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٢٠١. وهو المسؤول الأول عن شراء الخلع أو الفرو التي تشترى من خزينة الدولة.
(٢) كذا وربما كان المقصود الشريف غالب الذي تولى شرافة مكة في سنة ١٧٨٥ أو ١٧٨٦ م انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٥٢ ، ٥٣ ، ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢١٥.
(٣) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٢١٤.