وانسحب غالب إلى جدة ، وتبعه سعود إلى هناك ، ولكن أسوار المدينة منعته من دخولها ، وبدأ المفاوضات مع الشريف ـ الأمير الذي عاد إلى مكة ، واستعاد سلطته فيها ، ولكنه لم يحصل على ذلك إلّا بعد أن اتبع المذهب الوهابي (١). وكان سعود قد استولى على المدينة المنورة ، وعامل السكان معاملة أقل احتراما من تلك التي / ١٩١ / لقيها منه سكان مكة ، فوضع في المدينة المنورة حامية وهابية ، وجرد ضريح النبي صلىاللهعليهوسلم من الأشياء الثمينة التي تبرع بها المؤمنون ، وقد حاول أيضا أن يهدم القبة العالية المقامة على الضريح ، كما قاموا بهدم كل القباب التي لم تكن تابعة للمساجد (٢). وقد قيل خطأ : إن الوهابيين ألغوا الحج : لأن النبي صلىاللهعليهوسلم شدد على تطبيق هذه الفريضة ، ولا يمكن ، والحالة هذه ، أن يقوم الوهابيون بإلغائها. ولكن الوهابيين الذين أزعجتهم التجاوزات المتطرفة التي كان يمارسها الحجاج الأتراك ، أجبروهم على تصرف أكثر لياقة ، وردعوا بقسوة الفوضى التي كانوا يثيرونها (٣). ولم يتعرض الحجاج المغاربة الذين كانوا أكثر تنظيما لأي مضايقات ، وكذلك الهنود وأفارقة السودان. وإن كانت قوافل الحج من بغداد ودمشق والقاهرة قد توقفت ؛ فإن سبب ذلك هو أن
__________________
(١) انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) دخل سعود المدينة المنورة في عام ١٢١٨ ه / ١٨٠٤ م. انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩٣ ـ ٩٥.
(٣) قارن بما يقوله بوركهارت في : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٩٥. وانظر تعليق الدكتور العثيمين في الحاشية(٢).