الباشاوات والقوات العثمانية التي ترافقها عادة لم يعودوا يجرؤون على المخاطرة بالسفر عبر المناطق التي يسيطر عليها الوهابيون الذين كان مجرد ذكر اسمهم يثير رعبا كبيرا بين أعدائهم.
كان السلطان العثماني قد عيّن في هذه الأثناء محمد علي ، الذي سيذيع صيته بعد ذلك في أنحاء العالم ، باشا لمصر ، وفرض عليه أن يخلص المدينتين المقدستين من أيدي الوهابيين الذين سيطروا عليهما. ولما تولّى محمد علي منصبه الجديد عام ١٨٠٤ م شغل / ١٩٢ / بالقضاء على المماليك ، ولم يفكر بتنفيذ أوامر السلطان إلّا في عام ١٨٠٩ م ، عندما كلف ابنه الثاني طوسون بيك (١) الذي كان له من العمر ثمانية عشر عاما ، ولكنه كان ذا شجاعة مجربة ، نادرة اليوم لدى العثمانيين ، وخصوصا في أسر الباشاوات ، كلفه ، قيادة حملة نزلت في ينبع عام ١٨١١ م. وكانت بداياته سيئة : إذ تقدم نحو المدينة المنورة (٢) التي كان الوهابيون لا يزالون يسيطرون عليها ، والذين
__________________
(١) يختصر ديدييه الأحداث اختصارا مخلا ؛ إذ إن محمد علي بدأ في عام ١٨٠٩ م يجهز بجد لحملته ، فبنى أسطولا من ثمان وعشرين سفينة مختلفة الأحجام ، وذلك في ميناء السويس في أعوام ١٨٠٩ ، ١٨١٠ ، وبداية سنة ١٨١١ م. ورمم القلاع على طريق الحج بين القاهرة وينبع ، وهي عجرود ونخل والعقبة والمويلح والوجه ، ووضع فيها حاميات من المشاة ، وأنشأ مخازن للقمح في القصير. وبدأت الحملة في نهاية أغسطس سنة ١٨١١ م.
انظر : مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١٠٩ وما بعدها.
(٢) وصل الأسطول المصري إلى قرب ينبع في أكتوبر (تشرين الأول) ١٨١١ م وفي يناير (كانون الثاني) ١٨١٢ م تقدم طوسون بيك مع جنوده صوب المدينة المنورة. مواد ... ، موثق سابقا ، ص ١١٣ ، ١١٥.