الوهابيين كثيرا ، وكان يأمل أن يحقق غنائم كثيرة ، لأن تلك المنطقة تشتهر في الشرق بغناها الفاحش ، ولكن القوات عانت معاناة كبيرة في مسيرتها ، ولم تكد تصل إلى منتصف الطريق حتى تمردت ، ورفضت الذهاب إلى أبعد من ذلك : فدفع ذلك الوضع الباشا إلى الأمر بإرسال تلك القوات إلى مكة المكرمة ، ومن هناك إلى مصر ليستبدل بها قوات أخرى جديدة.
وإن هذه الحملة الفاشلة أعطت بفشلها محمد علي / ٢٠٠ / فرصة لإظهار حقده وممارسة قسوته على بعض أحد شيوخ القبائل الذين مكنته الخيانة من القبض عليهم. فأمر حرسه الخاص بقتله أمام عينيه شر قتلة ؛ إذ طلب من حراسه الخاصين أن يجرّحوه ببطء بسيوفهم لكي يطول عذابه ، فقضى المقدام العربي المسمى بخروش (١) نحبه دون أن تصدر عنه أنة ألم واحدة. أمّا محمد علي الذي كان راضيا عن الانتصار الذي حققه في بسل ، وارتأى أنه حقق ما يكفي لرفعة مجده ، ولمصلحته عندما خلّص المدينتين المقدستين ، فإنه عرض شروطا للصلح على عبد الله بن سعود ، وذهب إلى المدينة المنورة لانتظار النتيجة التي ستسفر عنها عروضه السلمية. وكان طوسون باشا قد سبق والده إلى المدينة المنورة ، وكان حين وصول أبيه في منطقة القصيم ؛ وهي إحدى مناطق النفوذ الوهابي ، لإبرام سلام باسمه مع أمير الدرعية ، وفي هذه الأثناء كان محمد علي الذي لم يدعم ابنه لا بالمال ولا بالرجال
__________________
(١) في الأصل Bakroud والصواب Bakrouch انظر : مواد لتاريخ الوهابيين ، الترجمة العربية ، موثقة سابقا ، ص ١٨٣ ـ ١٨٤.