يبحر ثانية وبسرعة إلى مصر التي كان يرى أنها تمر بفترة حرجة ، وهي مهددة بأن يهاجمها أسطول الكابتن باشا. وعندما وصلته معاهدة الصلح التي أبرمها ولده ، لم يرفض الموافقة عليها ، ولكن غموض لغته أثبتت لأقل الناس بصيرة أن له مطامع مستقبلية في الجزيرة العربية. وتحقق ذلك في عام ١٨١٦ م عندما قام بإرسال ابنه البكر إبراهيم باشا مع جيش جديد ، هدفه الاستيلاء على الدرعية ، وتقويض / ٢٠١ / دعائم الحكومة الوهابية تماما. وقد أبدى إبراهيم في هذه المناسبة شجاعة وكفاءة لا يمكن إنكارهما ، وأظهر حزما تكلل بالنجاح ، واستطاع أخيرا في سبتمبر (أيلول) ١٨١٨ م بعد سنتين من الجهد المستمر ، والنضال بلا هوادة ، الاستيلاء على الدرعية (١) التي هدمها رأسا على عقب ، وأجبر السكان على البحث على ملجأ في مكان آخر. وأخضع نجدا كلها ، واستطاع بفضل مساعدة باشا البصرة أن يصل بجيشه الظافر إلى ما وراء جبل شمر باتجاه بغداد.
لقد دافع عبد الله بن سعود عن عاصمته بتصميم كبير ، وشجاعة نادرة ، ولكنه لم يلق في دفاعه دعم السكان الذين أنهكهم الحصار الطويل ، وثبط هممهم ، والذين كانوا يفضلون الحظوظ التي سيوفرها لهم الاستسلام ، على الويلات التي
__________________
(١) حطم إبراهيم باشا الدرعية تماما سنة ١٨١٨ م / ٨ ذي القعدة ١٢٣٣ ه ، وفي سنة ١٨٢١ كانت سيطرة المصريين تامة على الحجاز ، بينما ظلت نجد أقل أهمية بالنسبة إلى المصريين ؛ وهكذا تمكن ابن عم لسعود بن عبد العزيز هو (تركي بن عبد الله بن محمد ابن سعود) أن يقود ثورة اختار الرياض لتكون عاصمة له وظلت كذلك حتى اليوم. انظر : الحركة الوهابية في عيون ... ، موثق سابقا ، ص ٦٩ ، الحاشية (١٦).