سيجرها عليهم هجوم إبراهيم باشا ، ولكن تفكيرهم بذلك يعني أنهم يجهلون طبائع الأتراك. لم يعد عبد الله يستطيع الاعتماد إلّا على حرسه الخاص المكوّن من أربع مئة عبد أسود كانوا مستعدين للموت حتى آخر رجل منهم دفاعا عنه. ولّما فقد كل الآمال كان باستطاعته الفرار والالتجاء إلى قلب الصحراء بانتظار أيام أفضل ؛ ولكنه كان يفضل الاستسلام لأعدائه ، والاعتماد على أريحية المنتصر ، كما لو أن التركي يتمتع بأي قدر من الأريحية! وبعد بضعة أيام من الاستعدادات والتردد سلم نفسه بإرادته لإبراهيم باشا الذي كان لا يزال في ريعان الشباب ، واستقبل عبد الله بن سعود في خيمته باحترام كبير / ٢٠٢ /: " وقال له مواسيا : إن الرجال العظام يعانون صروف الدهر ، وإن باستطاعته الاعتماد على عفو السلطان".
لقد كانت النهاية التي آل إليها هذا المشهد فظيعة. أرسل عبد الله إلى القاهرة ، ومعه حاشية كبيرة ، ومن القاهرة إلى إستانبول ، وقد عرف عبد الله هناك عفو محمود الذي كان حينئذ السلطان. لقد طيف بعبد الله إبّان يومين في كل شوارع المدينة ، وفي اليوم الثالث تم قطع رأسه في ساحة القديسة ـ صوفيا ، وتركت جثته للدهماء لكي تروي غليل تطرفها ، وتبلغ ثأرها من جثمانه الذي يبعث على الحزن.
لقد حدث هذا الحدث الفاحش والمقيت في نهاية عام ١٨١٨ م. أما أسرة عبد الله فقد بقيت في مصر ، ونشأ أولاده ، كما ذكرت سابقا ، في رعاية محمد علي. ولم ينهض الوهابيون أبدا من كبوتهم التي أدت إلى خراب عاصمتهم ، وأسقطت