كان علينا أن ننطلق عند العصر / ٢٠٧ / ، وعندما حلّ العصر لم يكن شيء جاهزا ؛ مع أنه لم يكن علينا أن نحمل إلّا أمتعتنا الضرورية لاستعمالنا الشخصي ، ولو فعلنا غير ذلك لعدّ ذلك إهانة للأمير المضيف الذي كان يعاملنا معاملة في غاية النبل ، ويود أن يوفر لنا كل ما نحتاجه. باختصار ، لم ننطلق إلّا عند المغرب بعد أن تبدى لي أننا لن ننطلق أبدا. ولو حصل ذلك لكان الأمر خطيرا : لأنه كان من المهم أن ننطلق في يومنا هذا ، الذي لم يكن اختياره عشوائيا ؛ فقد كان يوم خميس ؛ وهو أكثر أيام الأسبوع مناسبة لبدء الأسفار في نظر المسلمين. فالثلاثاء يوم مشؤوم ، والعرب لا تحب السبت لأنه يوم اليهود الذين يحتقرونهم كل الاحتقار. أما الأحد والاثنين فمن الشائع أنهما يومان مباركان ، والأربعاء تستوي الأمور فيه. وأما يوم الجمعة فهو يومهم المقدس ، وهم يسافرون راضين بعد صلاة العصر (١).
كانت القافلة تتكون كما يلي : كاتب هذه السطور ، إن كان من المناسب أن يبدأ الإنسان بنفسه ، ثم رفيق رحلتي ، والسيد دوكيه ، وستة من الخدم ، بينهم أوروبيان ؛ بلجيكي وطباخنا غاسبارو ؛ ثم الشريف حامد مع أحد أقربائه ، وبعدهما أحمد حمودي رئيس جمّالة الشريف الأكبر ، ناهيك عن اثني عشر عبدا أو خادما من خدم الشريف ، يلبسون ثيابا جديدة ، وهم جميعا مسلحون بالرماح / ٢٠٨ / وبالخناجر ،
__________________
(١) ليس ما ذهب إليه المؤلف في هذا التقسيم بصحيح ؛ بل الصحيح الذي لا مراء فيه عند أهل العلم أن السفر مستحب في يومي الاثنين والخميس ، مع جواز السفر عند الضرورة في أي يوم حتى يوم الجمعة نفسه.