وكان هناك أطفال شبه سود ، عراة تماما ، يجرون على الرمل بين المواشي ، ورعاة يقاربونهم في السواد ، وهم مثلهم في قلة الثياب التي يرتدونها ، يكملون ، والرماح في أيديهم ، تلك القصيدة الرعوية العربية. كان لون خيامهم داكنا ، وكانت مثل خيام البدو كلهم مبعثرة بأعداد قليلة في سفح الهضاب. قدم لنا أولئك الرعاة المتجولون ، القادمون من الشرق ، والذين يمرون من هنا ، الحليب ، فقبلناه وشكرنا لهم ذلك. إن أكبر إهانة يمكن أن توجهها للبدو هي أن تعاملهم معاملة تجار الحليب : إنهم يعطون حليب حيواناتهم ، ولا يبيعونه أبدا. / ٢٢٠ / تصبح البلاد بعد بضعة أميال أكثر انفتاحا ، وتتجلى في الأفق البعيد الواسع سلسلة من الجبال.
كان الوقت ظهرا ، عندما وصلنا إلى سفح جبل عرفات الذي يقع على بعد ثمانية أو عشرة فراسخ إلى الشرق من مكة المكرمة ، وهو المكان الذي تجري فيه كما ذكرت سابقا المناسك التي تختم الحج. وكان ينتصب في قمة الجبل عمودان يحددان المكان الذي يقف فيه خطيب مكة المكرمة ، ممتطيا ناقة بيضاء ، مزينة بزينة نفيسة ، ليلقي الخطبة التي تعلن نهاية الحج ، والتي ينبغي على الحاج سماعها ليحمل هذا اللقب.
إن هذا المكان المقدس في الإسلام ، القاحل والصحراوي ، يكون في ذلك اليوم مكانا لمشهد رائع ؛ إذ يتزاحم فيه جمع هائل من المؤمنين الذين يجتمعون فيه في زمن واحد ، ويوجد هناك معسكر خاص بكل جنسية من المسلمين ؛ فالعرب ، والأتراك ، والسوريون ، والفرس ، والهنود ، والمصريون ، والمغاربة ، حتى السودانيون ، لكل منهم ،