معسكره الخاص. وإن الأوروبيين الذين استطاعوا تأمل هذا المشهد العظيم أكدوا جميعا أنه ليس هناك ما يمكن أن يعطي فكرة عنه. يوجد هذا الجبل المقدس على أرض قبيلة قريش التي اكتسبت بذلك شرفا كبيرا ، وتعد واحدة من أكثر قبائل الجزيرة العربية نبلا ، ومع أنها اليوم قد تقلص عدد أفرادها إلى ثلاث مئة (١) شخص. يا للغرابة! إن المسلمين الذين لا يتركون غير المسلم يرى رأس منارة من منارات مكة المكرمة ، ولو لمحا فقط ، يسمحون له بالصعود بحرية إلى جبل عرفات ، وباستكشافه على هواه. ولما ذكرت / ٢٢١ / ذلك التناقض للشريف حامد اصطنع أنه لا يفهمني ، وكان جوابه الوحيد أنه رفع صوته قائلا : " الله أكبر ، ومحمد رسول الله! " ولكن ذلك لم يكن يكفي للإجابة عن سؤالي.
لقد كان يجري في تلك الأنحاء نبع ماء بارد ونمير ؛ وذلك كنز لا يقدر بثمن في تلك الصحراء ، كان النبع يجري من أسفل الجبل ويذهب إلى مكة المكرمة عبر قناة مغطاة ، مبنية ، ومطوية. وينسب الناس شرف هذا العمل إلى السيدة زبيدة إحدى نساء الخليفة هارون الرشيد. وعندما تجاوزنا المدينة المقدسة أدرنا لها ظهورنا.
__________________
(١) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ١٦٨. ويبدو أن ديدييه استقى هذه المعلومة من رحلة تاميزييه ، انظر : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٢٥٧ إذ تقول المؤلفة : " ... وأخيرا سار الجيش (جيش محمد علي) نحو الطائف في السابع عشر من شهر أيار (مايو) من سنة ١٨٣٤ م وراء عدد من الأدلاء القريشيين الذي حيّر جومار فقرهم البادي. وقد قيل له إن هذه العشيرة التي ينتمي إليها النبي محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، لم يبق منهم إلا ثلاثمائة رجل ...".