/ ٢٧٥ / كنت في الفجر صاحيا. واكتشفت المشهد الطبيعي شعّت أول حزم الضوء في الصباح ؛ ذلك المشهد الذي لم أستطع رؤيته في مساء اليوم السابق. كان قعر الوادي ضيقا جدا في هذا المكان ، تغطيه الرمال القاحلة ، ولكن الجوانب مزروعة بالأشجار ، يكسوها العشب الأخضر الكثيف على مدى امتدادها ، وتتفجر الأرض عيونا في عدد من الأماكن مما يحافظ على النضارة والخصوبة على الجانبين. وتختفي كل أنواع النباتات على علو الأشجار ؛ فجوانب الجبال الجانبية وقممها جرداء تماما.
لقد كان هناك عدد من البيوت البائسة المنفردة ، المفصول بعضها عن بعض ، والتي تنتشر على أطراف المنطقة الخضراء ، ومنها تتكون قرية الزيمة التي يسكنها بدو متحضرون ، ينصرفون إلى زراعة الأرض الصالحة للزراعة ، وتربية قطعان الماشية. وينتصب على نتوء صخري ، في مكان يشرف على القرية ، حصن بني في سالف الأيام للدفاع عن المكان وحمايته ؛ وهو مهدم منذ زمن طويل ، ولا يخطر ببال أحد أن يعيد بناءه.
ما كادت القافلة تصبح على أهبة الاستعداد حتى تدفق علينا الحليب من كل حدب وصوب ، لقد جاء من البدو ، وبينهم بدويات بقين منقبات بإحكام احتراما للأشراف ؛ ولو لا وجودهم لكنّ أكثر تهاونا ، ولكنّا رأينا وجوههن بلا صعوبة. ولكنني أعتقد أننا لم نخسر شيئا إذ لم نر وجوههن ؛ لأن هيأتهن لا توحي بأنهن في سن الصبا ، وأثواب القطن الأزرق التي تتلفع بها كل / ٢٧٦ / نساء المنطقة بعيدة عن إضفاء الأناقة عليهن. طالما لاحظت فيما مضى أن روح المساواة تسود بين العرب ،