الخضار ، وليس هناك قطعة واحدة من العشب الأخضر على أديمها ، ولا يهديها البحر إلا بعض الأسماك القليلة والصغيرة. يأتيها كل شيء من القاهرة ، وليس فيها الماء الذي تشربه الحيوانات ، والذي ينبغي أن يذهب الناس إلى مكان يبعد أكثر من مرحلة للبحث عنه ، أما الماء الذي يشربه البشر فهو أكثر بعدا أيضا ؛ إذ يذهب الناس بحثا عنه إلى بركة موسى ، الواقعة على الشاطئ الآخر لخليج السويس ، وإن هذا الماء الذي لا يقل ثمنه عن قرشين للقربة غير صالح للشرب دائما : وإن الأشخاص الحريصين على ما يشربون ، لا يشربون إلا ماء النيل الذي يستقدم على ظهور الإبل عبر الصحراء ، وذلك مبالغ فيه للحصول على كأس من الماء. / ٢٥ / أما المدينة نفسها فلا تكاد تستحق الوصف ، شوارعها وأزقتها ضيقة وملتوية ، وتعج بالغبار ، وهي وسخة غالبا. أما البيوت فسيئة العمارة ، لا يهتم أصحابها بترميمها ، وأغلبها من الخشب أو من اللّبن ، وفيها بعض المساجد البسيطة ، ومناراتها أشد بساطة منها أيضا ؛ فيها فنادق واسعة ، ولكنها وسخة جدا ، مخصصة للبضائع والتجار ، وفيها سوق واحد يفتقر في ثلاثة أرباع السنة إلى الحاجات الضرورية جدا : تلك هي اليوم حال تلك المدينة ، التي كانت في سالف الدهر مزدهرة بلا شك ، ويمكن أن تعود إلى ما كانت عليه من ازدهار بل أكثر ، عندما يتم فتح القناة التي ستجعل منها واحدا من أهم الموانئ التجارية ، بل السياسية في العالم كله. وإن لمينائها ، مع ذلك ، وعلى حالته الراهنة ، مكانة متوسطة ، تحيط به بيوت صالحة للسكن ، وله رصيف على البحر