لنا ؛ وأشير هنا إلى جزئية تدل على التخلق بأخلاق الشرقيين ؛ وهي أن أحد السكان من أصول بريطانية ، كان يعمل موظفا في النقل ، وكانت خيمتي منصوبة أمام البيت الذي يسكنه ، وكان ينظر ببرود من نافذته إلى الخيمة تحترق ، ولم يكلف نفسه عبء السؤال عن حاجتنا للمساعدة في هذه اللحظة الحرجة ، مع أنني كنت أحمل إليه رسائل توصية.
أمّا الحادثة الثانية فتتمثل في أنه كان لدينا طباخ من القاهرة ؛ وإن من ولدوا في هذه / ٣٠ / المدينة العاصمة يحبونها حبا لا يستطيعون معه الابتعاد عنها إلّا على مضض. ومع ذلك فإن طباخنا العربي وافق على مرافقتنا ، وهو يظن أننا لن نذهب إلى أبعد من جبل سيناء. ومنذ أن علم أننا سنمضي في رحلتنا حتى جدة ، بل أبعد من ذلك ، تراجع عن مرافقتنا ، ولم يكن هناك ما يمكن أن يغريه بالسير خطوة واحدة ، حتى النقود. لقد كنا في حيرة من أمرنا ، لأننا كنا بحاجة ماسة إلى أي طباخ بسبب طبيعة الرحلة التي ننوي القيام بها. وكانت الوسيلة الوحيدة أن نحاول إيجاد طباخ في السويس ، ويبدو أن أقدار الله ساعدتنا فساقت إلينا غاسبارو مازانتي Gasparo Mazzanti وهو من سكان فلورنسة الأصليين ، وكان يتحدث اللغة التوسكانيةToscan بلهجة واضحة ، خاصة بأهل فلورنسة ، ولم يكن يعرف أي كلمة عربية ، على الرغم من أنه أقام في مصر خمسة عشر عاما ، بعد أن ساقته إليها خلافات أسرية. وكان يمتلك مطعما في الإسكندرية ، وكان في هذه الأثناء موجودا بالمصادفة في