والفاعل لذلك جماعة من غوغاء العرب ، والذى جرأهم على ذلك أن صاحب مكّة السيد حسن بن عجلان ، لم يحج فى هذه السنة ؛ وإنما لم يحج فيها لوحشة كانت بينه وبين أمير الركب المصرى بيسق ، فإنه أعلن للناس فى ينبع أن صاحب مكّة معزول ، وأنه يريد محاربته.
ثم إن صاحب مصر [الناصر فرج] ، منعه من حرب صاحب مكّة ، وأعاده وأعاد بنيه إلى ولايتهم. ولو لا أمر صاحب مكّة بالكف عن إيذاء الحاج لكان أكثرهم رفاتا ، وأموالهم شتاتا ، فالله يقيه النوائب ، ويجزل له المواهب ، وهذه الحادثة أبسط من هذا بكثير فى أصله (١).
ومنها : أن فى هذه السنة أقام الحاج بعرفة يومين ؛ لاختلاف وقع فى أول ذى الحجة ، وأوقفت المحامل بعرفة على العادة ، ونفروا بها وقت النفر المعتاد إلى قرب العلمين ، ثم ردت إلى مواضعها.
وهذا الوقوف فى اليوم الأول ، وفيه وصلوا عرفة ، وهو يوم التروية على مقتضى رؤية أهل مكّة لذى الحجة (٢).
ومنها : أن الحجاج لم ينفروا من منى فى سنة ثلاث عشرة إلا وقت الزوال من اليوم الرابع عشر من ذى الحجة لرغبة التجار فى ذلك ؛ فازدادوا فى الإقامة بمنى يوما ملفقا.
وفى هذه السنة : حج صاحب كلوه ، وأحسن إلى أعيان الحرم وغيرهم ، وزار المدينة النبوية.
ومنها : أن فى يوم الجمعة الثانى والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة خطب بمكّة للإمام المستعين بالله أبى الفضل العباس ابن المتوكل محمد بن المعتضد أبى بكر من المستكفى سليمان بن الحاكم أحمد ـ المقدم ذكر جده ـ ؛ لما أقيم فى مقام السلطنة بالديار المصرية والشامية ، بعد قتل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر ، ودعى له على زمزم فى ليلة الخميس الحادى والعشرين من الشهر المذكور ، عوض صاحب مصر (٣).
__________________
(١) إتحاف الورى ٣ / ٤٧٠.
(٢) إتحاف الوريى ٣ / ٤٧٢.
(٣) إتحاف الورى ٣ / ٤٩٧ ، والسلوك ٤ / ١ : ٢٥١.