القاضي ، فقال (١) : جيئوا بحداد ، فقال : أعزّ الله القاضي (٢) ليفك أو ليزيدني؟ قال : بل ليفكّ عنك ، قال : فجيء بالحداد ، فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ ويطيل أمره قليلا ، ففعل ، فلطمه الجاحظ فقال : اعمل عمل شهر في يوم ، وعمل يوم في ساعة ، وعمل ساعة في لحظة فإنّ الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة ، فضحك ابن أبي دواد ، وأهل المجلس منه ، وقال ابن أبي دواد لمحمّد بن منصور : أنا أثق بظرفه ، ولا أثق بدينه.
قال (٣) : وأخبرني الصّيمري ، أنبأ المرزباني ، نا أبو بكر الجرجاني ، نا المبرد قال : حدّثني الجاحظ قال :
وقفت أنا وأبو حرب على قاص (٤) فأردت الولوع به ، فقلت لمن حوله : إنّه رجل صالح لا يحب الشهرة فتفرّقوا ، عنه ، فتفرقوا ، فقال لي : الله حسيبك إذا لم ير الصياد طيرا كيف يمد شبكته؟
أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى بن علي القاضي ، أنا سهل بن بشر الإسفرايني ، أنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد بن السّري النيسابوري ـ بمصر ـ أنا أبو محمّد الحسن بن رشيق العسكري ، نا يموت بن المزرّع قال : سمعت خالي عمرو بن بحر الجاحظ يقول :
أمليت (٥) على إنسان مرة : أنا عمرو ، فاستملى : أنا بشر ، وكتب أنا زيد (٦).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا ـ وأبو منصور بن زريق ، أنبأ ـ أبو بكر بن الخطيب (٧) ، أنا الحسن بن الحسين بن العباس النّعالي ، أنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني ، أنا يحيى بن علي ، حدّثني أبي قال : قلت للجاحظ : إنّي قرأت في فصل من كتابك المسمى كتاب البيان والتبيين (٨) : إنّ مما يستحسن من النساء اللحن في الكلام ،
__________________
(١) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز».
(٢) ما بين الرقمين استدرك على هامش «ز».
(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٧.
(٤) بالأصل وم : وقاض ، المثبت عن «ز» ، تاريخ بغداد.
(٥) استدركت «أمليت» على هامش «ز».
(٦) كتب بعدها في م : إلى هنا انتهى هذا الجزء المبارك بحمد الله وعونه وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله وسلم.
يتلوه إن شاء الله تعالى : أخبرنا أبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا الحسن بن الحسين بن العباس النعالي أنا أبو الفرج إلى آخره.
(٧) تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٤.
(٨) كتب بعدها في «ز» : تم هذا الجزء الثالث عشر من تاريخ ابن عساكر بقلم الفقير محمّد أحمد فتح الله على التمام والكمال والحمد لله بتاريخ اليوم الثاني من شهر الله المحرم سنة ١٣٣٨.