قدم عبد الملك بن مروان حاجّا فتلقّاه (١) عمر بن أبي ربيعة فيمن تلقّاه ، فقال له عبد الملك مرحبا بفاسق قريش ، فقال عمر : بئس تحية ابن العم بعد طول العهد ، فقال عبد الملك : لئن كنت أسأت لك القول لأحسننّ لك الفعل ، اكتب حوائجك .... (٢) ، فراح بها إليه مع الظهر المبكرة وحوائجه في كمه مكتوبة ، فأعلمه الحاجب مكانه ، فأذن له ، فدخل فإذا هو مستلق وعند رأسه جارية ، وعند رجله أخرى يغمزانه ، لم ير مثلهما حسنا ، فسلّم ، فقال له عبد الملك : هات حوائجك أبا الخطاب ، فقال : حاجتي أن يتق الله أمير المؤمنين ، أنا أكثر أهل مكة مالا ، وأقلهم عيالا ، وأكثرهم عينا ، وأقلهم دينا ، قال : فبارك (٣) الله لك ، فانصرف من عنده فمرّ بالحاجب ، فقال : ما صنعت؟ فقال : أقعد الشمس عند رأسه والقمر عند رجليه ، وقال : تعالوا ، تعاقروا ، كلّا والله لتمسكنا أحسابنا ، فدخل الحاجب ، فأخبر عبد الملك ، فضحك وقال : ردّه فأنفذ حوائجه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا المعافي بن زكريا (٤) ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، نا محمّد بن المرزبان ، نا أبو عبد الرّحمن الجوهري ، نا عبد الله بن الضحاك ، أنا الهيثم بن عدي ، عن عوانة بن الحكم ، فذكر حكاية في وفادة الشعراء على عمر بن عبد العزيز وفيها قال ـ يعني عمر بن عبد العزيز ـ ويحك يا عدي (٥) من بالباب منهم؟ قال : عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة ، قال : أليس هو الذي يقول (٦) :
ثم نبّهتها فهبّت (٧) كعابا |
|
طفلة ما تبين رجع الكلام |
ساعة ثم إنّها بعد (٨) قالت : |
|
ويلتا ، قد عجلت يا ابن الكرام |
أعلى غير موعد جئت تسري |
|
تتخطا إليّ رءوس النيام |
__________________
(١) في «ز» : فالتقاه.
(٢) رسمها بالأصل : «ومحربها» ومثلها في م ، وفي «ز» : وهجر بها.
(٣) في م و «ز» : يبارك.
(٤) الخبر بطوله رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥١ وما بعدها.
(٥) يريد : عدي بن أرطاة الفزاري.
(٦) الأبيات في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٥٣ وفي الديوان ط بيروت ص ٤١٨ البيتان الأول والثاني فقط.
(٧) الديوان : فمدت.
(٨) الديوان : ثم إنها لي قالت.