قال : نعم أصلحك الله ، فقال : قد أجزنا شهادة من عدله عمر ، وأجاز شهادته.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إياه وقال اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، حدّثني محمّد بن الحسن بن دريد ، نا أبو حاتم ، عن العتبي ، عن أبيه قال :
ابتنى معاوية بالأبطح مجلسا ، فجلس عليه ومعه ابنة قرظة ، فإذا هو بجماعة على رحال لهم ، وإذا شاب منهم قد رفع عقيرته يتغنى :
من يساجلني يساجل ماجدا |
|
أخضر الجلدة في بيت العرب (٢) |
قال : من هذا؟ قالوا : عبد الله بن جعفر قال : خلوا له الطريق فليذهب ، ثم إذا هو بجماعة فيهم غلام يغني (٣) :
بينما يذكرنني أبصرنني |
|
عند قيد الليل (٤) يسعى بي الأغر |
قلن : تعرفن الفتى؟ قلن : نعم (٥) |
|
قد عرفناه وهل يخفى القمر |
قال : من هذا؟ قالوا : عمر بن أبي ربيعة ، قال : خلوا له الطريق فليذهب ، قال : ثم إذا بجماعة وإذا رجل منهم يسأل ، فقال : رميت قبل أن أحلّق ، وحلّقت قبل أن أرمي ، لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج ، فقال : من هذا؟ قالوا : عبد الله بن عمر ، فالتفت إلى بنت قرظة فقال : هذا وأبيك الشرف ، هذا والله شرف الدنيا وشرف الآخرة.
قال المعافى : وقد روي من طريق آخر أنه قال : هذا والله الشرف لا ما نحن فيه.
__________________
(١) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٢) البيت في تاج العروس بتحقيقنا : سجل ، برواية :
من يساجلني يساجل ماجدا |
|
يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
منسوبا إلى الفضل بن العباس اللهبي.
وقال المعافى بعد أسطر في تعليقه على الخبر : الشعر في هذا الخبر ، المشهور منه أنه للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب وروايته المعروفة :
وأنا الأخضر من يعرفني |
|
أخضر الجلدة في بيت العرب |
من يساجلني يساجل ماجدا |
|
يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
(٣) البيتان في ديوان عمر بن أبي ربيعة ط بيروت ص ١٨٦.
(٤) عجزه في الديوان : دون قيد الميل يعدو بي الأغر.
(٥) صدره في الديوان : قالت الصغرى ، وقد تيّمتها.