فقال عبد الله : خذ الناقة وما عليها يا صاحب جهنم.
قرأت في كتاب أبي الفرج الأصبهاني (١) ، أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو علي الأسدي ـ وهو بشر بن موسى بن صالح ـ حدّثني أبي موسى بن صالح ، عن أبي بكر القرشي قال :
كان عمر بن أبي ربيعة جالسا بمنى في فناء مضربه وغلمانه حوله ، إذ أقبلت امرأة برزة (٢) ، عليها أثر النعمة ، فسلّمت فردّ عليها عمر السلام ، فقالت له : أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال : ها أنا هو ، فما حاجتك؟ قالت : حيّاك الله وقرّبك ، هل لك في محادثة أحسن الناس وجها ، وأتمّهن خلقا ، وأكملهن أدبا ، وأشرفهن حسبا ، قال : ما أحبّ إليّ ذلك ، قالت : على شرط. قال : قولي ، قالت : تمكنني من عينيك حتى أشدهما وأقودك حتى إذا توسطت الموضع الذي أريد حللت الشّدّ ، ثم أفعل ذلك بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك قال : شأنك ، ففعلت (٣).
قال عمر : فلما انتهت بي إلى المضرب التي أرادت كشفت عن وجهي ، فإذا أنا بامرأة على كرسي لم أر مثلها جمالا وكمالا ، فسلّمت وجلست ، فقالت : أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت : أنا عمر ، قالت : أنت الفاضح للحرائر؟ قلت : وما ذاك ، جعلني الله فداك؟ ألست القائل (٤) :
قالت : وعيش أخي وحرمة والدي (٥) |
|
لأنبهنّ الحيّ إن لم تخرج |
فخرجت خوف يمينها فتبسّمت |
|
فعلمت أنّ يمينها لم تحرج |
فتناولت رأسي لتعلم مسّه |
|
بمخضب الأطراف غير مشنّج |
فلثمت فاها ، آخذا بقرونها |
|
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج |
__________________
(١) الخبر بطوله في الأغاني ١ / ١٩٠ وما بعدها.
(٢) المرأة البرزة : البارزة الجمال.
(٣) الأغاني : ففعلت ذلك به.
(٤) الأبيات في الديوان ط بيروت ص ٨٨ والأغاني ١ / ١٩١ ، وقد مرت الأبيات في كتابنا هذا ، في ترجمة جميل بن عبد الله ١١ / ٢٧٣ رقم ١٠٧٤ ونسبها لجميل قال : وتروى لغيره.
والأبيات في ديوان جميل ط بيروت ، وبعضها في الشعر والشعراء ص ٢٦٦ منسوبا لجميل.
(٥) في ديوان عمر : قالت : وعيش أبي وحرمة إخوتي.