الفصل السابع والعشرون
السفر الى ماردين ثم الموصل
وكان المناخ لا يزال حارا ، ولذا كان من الضروري السفر ليلا والاستراحة نهارا في ظل خيمة اشتريتها في حلب ، وبعد ان عبرنا الفرات انقسمت قافلتنا الى قسمين ، سار القسم الاول في طريق اورفا ، بينما اتجه القسم الثاني ، وهو اقل عددا ، في طريق ديار بكر ، وكنت انا بضمن القافلة الثانية ، وقد دفعت الرسوم في البيرة ...
مررنا في تلك الليلة بالقرب من جبل قره داغ ، وعند انبلاج الصبح كنا قد انتهينا من القسم الجبلي العالي فاصبحنا في سفحه الثاني ، واذا بمدينة ديار بكر تظهر على امتداد بصرنا ، ان لمدينة ديار بكر اسما ثانيا عند الاقدمين وهو آمد Amid Amit. وبعد ان عثرنا على ينبوع ماء قراح بارد انزلنا الرحال وامضينا النهار كله ، وعند حلول الليل انقسمت قافلتنا من جديد قبل ان ندخل المدينة ، فقد دخل بعض افراد القافلة الى ديار بكر ، اما القسم الثاني فكان مؤلفا من عدد صغير من الخيول والبغال ، فقد اسرع في ترك اطراف المدينة قبل دفع الرسوم ، وسلكنا طريقا بين الوهاد والحفر الى ان اتينا الى تل ومن هناك ألقينا نظرة عابرة على المدينة دون ان يلمحنا احد ، وامضينا ذاك النهار في العراء اذ لم ننصب الخيام ، لقد كان الجو حارا جدا ، وعند المساء تابعنا سيرنا ، وكان ظلام الليل حالكا لانعدام ضوء القمر ، فمررنا بأودية وعرة المسالك ، وبعد يومين او ثلاثة اقتربنا من ماردين وتقع هذه المدينة على جبل اشم ، فأمضينا في جوار المدينة يومين او ثلاثة ، لان مكاري القافلة كان ماردينيا. ثم ابدلنا خيولنا باخرى ، لكن الخيول الجديدة لم تكن بقوة الاولى ، وبعد ان تزودنا بالامتعة اللازمة ، هبطنا الى سهل قوجحصار ، فسرنا في طرق ملتوية وعرة