الفصل التاسع والعشرون
سفرنا الى البصرة بواسطة دجلة
عند وصولي الى بغداد ، رأيت على شاطيء النهر القس الياس ، وكان يأتي كل يوم الى هناك منتظرا قدومي ، فقد بلغه خبر سفري الى هذه الجهة ، لقد ساعدني هو والاباء لاحصل على دانك يتوجه الى البصرة ، وقد طلبنا جواز مرور من الوالي ، ولكننا لم نأخذه ، لان ربان الدانك قال ان لا ضرورة له ، وانه مرخص لحمل الافرنج على قاربه الى اية جهة يسافرون. ولم نتمكن من الحصول على مترجم في بغداد ليسافر معنا.
وبعد ان تزودنا بالطعام الضروري ، تركنا الزوراء في ٢٥ تشرين الاول ، دون مترجم ونحن لا نعرف اللغة. فرأينا الدانك محملا بالبضائع المختلفة ، مكتظا بالمسافرين حتى اننا لم نجد موضعا نجلس فيه ، وبالكاد تمكنا من الجلوس بالقرب من السارية وقد توقعت المصائب في هذا الدانك ، لان الاحمال كانت كثيرة ، ولم تفد احتجاجات المسافرين وصراخاتهم ، فقد كانوا يكدسون البضائع ، وذلك لان القبطان كان جشعا للغاية.
من الصعوبة بمكان ان اعبر عن المشقات التي لاقيتها في هذا السفر ، فمن وقت الى اخر كان الدانك يجنح الى هذه الجهة او تلك او يرتطم بضفاف النهر ، وفي كل يوم كانت صراخات المسافرين تتعالى فتصم الاذان ، وكم من مرة توقفنا لننزل البضاعة او لنحمل غيرها ، او نضطر للنزول الى الماء لدفع الدانك ، والويل ثم الويل لمن يتأخر عن النزول ، فان ضربات العصي تنهال على راسه ، ولكن لا بد من الاعتراف بانهم كانوا يلزمون جانب الاحترام بالنسبة الينا.
اردنا التخلص من هذا الدانك ، فحاولنا اول مرة عندما وصلنا الى بلدة