الفصل الثلاثون
في البصرة
كان الحر شديدا للغاية ... لقد جعلني السفر في هذا الموسم افكر بجهنم النار ... ولم استطع الرقاد او الاخلاد الى الراحة ، كما لم تفدني مختلف الوسائط التي اتخذتها من اجل التخفيف من شدة القيظ. ولما كان الاب كوتيفريدو مريضا فقد تركني وسافر ، كما ان الاب جيوفاني تاديبو كان متوعك المزاج على اثر سفره في البحر ، لذا كنا بامس الحاجة الى الراحة ، ولهذا السبب قررت البقاء في هذه المدينة الى نهاية ايلول.
تمر في البصرة سفن كثيرة ، لذا فان البحارة من مختلف المذاهب المسيحية كانوا يأتون الى كنيستنا لحضور المراسم الدينية ، فكنا نقيم القداس الكبير مصحوبا بالموسيقى ، وقد منحت سر التثبيت الى كثيرين خلال وجودي في هذه المدينة ...
اجتمع في ديرنا جمع كبير من اتباع القديس يوحنا ، ويطلق عليهم اسم الصابئة المندائيين ، وقد نقلوا اليّ تذمرهم من الاب رئيس الدير ، لانه لا يسمح لهم بالدخول الى الكنيسة كما انه لا يمنح العماد لاولادهم ، وكانوا يؤكدون لي بانهم نصارى.
فاجبتهم ، حسنا يفعل الاب المذكور لانكم لستم نصارى ... ولذا لا يحل تعميد اطفالكم ... ولقد وجدنا بعضا منهم قد تنصروا ، وكان واحد منهم اسمه ايزيدورو بانفيليو كان قد نال العماد في روما على عهد البابا انوشنسيوس العاشر ... وعاد الى وطنه (فاصبحت حياته في هذا المحيط صعبة تكتنفها الاخطار) ... لقد التقيت به اكثر من مرة فشجعته على الثبات في معتقده ،