الفصل الثالث والعشرون
سفر خطر الى حلب
امتطينا خيولنا وسرنا طوال الليل ، لكننا ضللنا الطريق ، وتوغلنا في ارض سبخة ، ثم التقينا برعاة ارشدونا الى الطريق الصحيح ، وبقينا نسير تلك الليلة وفى اليوم التالي دون التوقف للاستراحة ، وكنا نتجنب الدروب المطروقة ، والاماكن المأهولة التي كنا نراها من بعيد ، لنتوقى شر الاعراب فلا نعطيهم فرصة لمباغتتنا ، فالمعروف عنهم ، انهم ينتشرون في البادية ، فاذا ما لمح احدهم المسافرين او احدى القوافل ، يسرع فيخبر جماعته ، فيجتمعون للاجهاز على القافلة.
وبعد ان سرنا في فيافي قاحلة لا نهاية لها ، دخلنا في منطقة كلسية وعرة المسالك ، لنبتعد عن قطاع الطرق ، فقد نشعر بقربهم منا ، بالرغم من عدم رؤيتنا لهم ، وعندما اقتربنا من الفرات ، توقفنا لنريح الخيول بعد تعب طويل ، واعتدنا ان نستريح مرة واحدة كل اربع وعشرين ساعة فقط ، لنأكل لقمة يابسة والتمر والزبيب ، ولم نكن ننام الا نحو ساعتين من الزمن ، نتناوب خلالها الحراسة ... ان الجنديين اللذين رافقانا كانا على طرفي نقيض في طباعهما ، احدهما سريع الى الغضب ، اما الاخر فمسكين ، يفتقر الى الشخصية ، يتذمر اكثر الوقت ، تارة من السفر المضني وتارة من مرض خيالي يتصوره ، وتارة اخرى من اخطار السفر ، ولذلك كان يبكي احيانا ، ويرمي نفسه على الارض فيتمرغ بالتراب ويطلب العودة ، فكان يبتعد عن باقي المسافرين ، رغم ما في الابتعاد عن الاخرين من اخطار ، ولذلك كنا نحثه على السير ، وكنا نهمز حصانه من وقت الى اخر ليسرع بالسير.
اما الشاب السوري الذي اتخذناه خادما بناء على توصية الاباء