الطرق ، قبل ان يرافقنا لقاء مكافأة قدرها اربعون قرشا ، فاشترينا حصانا ليحل محل الحصان النافق ، وكان الحصان الثاني المريض قد تعافى ، فاستعددنا للسفر ، كما اشترينا خبزا وزبيبا لاكلنا ، ولم ناخذ الا الاغراض الضرورية ، وتركنا بقية الامتعة امانة عند الاباء الكبوشيين ليرسلوها مع اول قافلة تتجه الى حلب.
بعد اتخاذي هذا القرار ، شعرت بالغم يهاجمني ، كما ساورني شعور داخلي بقرب اجلي ، فسيطر على الارق ، وفي الفترات القليلة التي كنت انام فيها ، كانت الاحلام المزعجة تقضي على منامي ، فكنت اراني مثخنا بالجراح في قلب الصحراء ومنازعا اودع الحياة! ...
ارسلت عمر وبعض الخدم الاخرين الى درفيل (السجين الافرنجي) لا حيطه علما بسفرنا ، فطلب منا ان نخبر القنصل بيكيت في حلب بما حدث له ، ليهتم بكل الطرق والوسائل من اجل اطلاق سبيله.
اما الخادم جابيلان فقد احب البقاء في خدمة الاباء الكبوشيين ، فاخذنا عوضه شابا سوريا حلبي الاصل ، لاننا اردنا ان يزدادد عددنا ، فاشترى الرجل حصانا ، وهكذا صار عددنا تسعة انفار ، اعني : الاب رفيقي وانا ، الجنديان ، الخادمان اسكندر وكارلو ، القس الياس ، الشاطر (اي الدليل) واسمه الحاج بركات (حاجي بركاتي Agi Paracati والشاب السوري.
تركنا بغداد في العاشر من تشرين الاول (١٦٥٨) قبل هبوط الظلام ، بعد عشرين يوما من الاقامة فيها ، فخرجنا من باب المدينة ، ولم نلق اذية عند البوابة او عند عبورنا الجسر ، نظرا لوجود شاب من بطانة الوالي اسمه مصطفى رافقنا الى الباب مع كاهنين كبوشيين ، ولكن ما إن تركونا ، حتى ركض في اثرنا عسكري انكشاري ، لم يتجاسر على الكلام امام مودعينا ، فطلب منا رسوما ، فكان لا بد من ان نلبي طلبه ، وكان كارلو يتبعنا عن بعد ، فاقترب منه العسكري وطلب الرسوم ، واذ لم يكن معنا عندما دفعناها ، فقد اداها من جديد كاملة عن الجميع! ..