ولكن ماذا عن الأرض الميّتة ؟
يقرّر المؤلّف بأن الأرض الميّتة من المفتوح عنوة للامام ، وإلى أنّه مسموح لأيّ فرد أن يحييها زمن الغيبة.
أما إنّها للامام فلكونها من « الأنفال » التي يندرج الموات ضمنها ، وأمّا السماح للفرد بإحيائها فلنصوص : « من أحيا ... » وأما سقوط الإذن في زمن الغيبة فلأخبار الإباحة.
كما ألمح الكاتب عبْر حديثه عن الأنفال إلى ظاهرة الخراج الذي يفرضه الجائر ، موضحاً إلى أنّه لا يبعد إلحاق هذا النمط من الأرض بما يؤخذ من الأرض المفتوحة عنوة ، كما ألمح متردّداً إلى احتمال الجواز لمن استجمع صفات النيابة في جباية الخراج المذكور.
ويلاحظ على المؤلّف أنّه لم يلق الأضواء الكاملة على ظاهرة الأرض الموات بالنحو الذي تتطلبه المعاجلة لهذا الجانب : من تفصيل لأشكالها ومن تعزيز بأدلّة محدّدة لوجهة نظره ، بل اكتفى بفقرات عابرة بالإشارة إلى تملك المحي لموات الأرض المفتوحة عنوة ، دون أن يحدد موقع التملك من أنّه في صعيد الرقبة أو الحقّ ، ودون أن يحدد موقع ذلك من الإحياء البدائي أو المتجدد. علما بأن النصوص الواردة في هذا الصدد ، بين نص يطالب بتأدية الخراج وآخر بتأدية الحقّ لصاحبها ، وثالث ينفي أيّ حقّ لمحييها السابق ، ورابع مطلق لا تفصيل فيه.
وأيّاً كان الأمر ، يتعيّن على الدارس لرسالة المؤلّف الخراجيّة أن يقف عند لغتها ، ومنهجها ، ومادّتها ، بغية التعرّف على طابعها العام في هذا الصدد.
أمّا لغتها ، فتتميّز بالوضوح واليسر اللذين يتطلّبهما البحث الفقهي وسائر البحوث الاسلامية ما دام الهدف من الكتابة هو إيصال الأفكار إلى الآخرين وليس التصنع اللغوي الجاف. كما تتميز لغته وهذا ما يمنحها مزيداً من القيمة بالابتعاد عن الحشو ( الأصولي ) الذي لا حاجة إلى إقحامه في بحوث فقهية ، الهدف منها تجلية ما غمض من الأدلة ، وليس تضبيبه بمزيد من اللغة الأصولية ، التي عفى