ففي الحالة الأولى لا تمكن أيّة قيمة ذات بال في الارتكان لهذا الجزء مادامت النصوص المعتبرة الاُخرى تتكفل بتقديم الدليل. وحينئذ تنحصر قيمة هذا الجزء بكونه مجرّد تعزيز للدليل لا أكثر.
أما في الحالة الثانية فمن الصعب أن تتمّ القناعة بجزء لا شاهد له من النصوص الاُخرى فضلاً عن أن الجزء الآخر شاذ أساساً إلا إذا افترضنا إمكانيّة تساوقه مع الدليل العقليّ ، وهو أمر بصعب الركون إليه.
على أيّة حال ، فإنّ للمؤلف قناعته الخاصّة في المعيارين اللذين تقدّم الحديث عنهما ، فيما يعيننا من ذلك أن نشير إلى انسحاب وجهة نظره المذكورة على طبيعة ممارسته الفقهيّة ، حيث لحظنا مدى انسحاب ذلك على رسالته التي أعفته من الدخول في مشكلات الرواية وتحقيقها.
ومثلما قلنا ، فإن هذا الجانب المتصل بتحقيق النصّ ، إذا كان لنا أن نناقش الكاتب فيه ، فإنّنا على عكس ذلك ، لا تعقيب لنا على اختزاله للأداة الأصولية ـ وهي الاداة الاُخرى من ممارساته فيما أشرنا إلى عدم ضرورتها ، ما دام الهدف هو تحلية ما غمض من الأدلة ، وليس تغميض ما هو واضحٌ منها.
وبعامّة ، فإنّ « الرسالة » التي توفّر عليها الكاتب ، تظلّ مستجمعة لهدف البحث وهو « الخراج » وما يتصل به من ظواهر مرتبطة بمشروعيّته زمن الغيبة بطبيعة الحال. ( وإلا فإنّ زمن الحضور على تفصيل بين بسط اليد وعدمه لا فائدة من معالجته الآن ).
وقد نجح المؤلّف في عرض وجهة نظره والتدليل عليها بالشكل الذي يتطلبه البحث.
ولكن ما يُلاحظ عليه بشكل عام هو تأكيده على فتاوى الأصحاب إلى الدرجة التي يبدو وكأن اهتمامه بوجهات نظرهم أشدّ من النصوص التي قدمها في هذا الصدد ، وهو أمر يقلّل من أهميّة الاستدلال لوجهة نظره ، ما دمنا نعرف بوضوح أنّ فتاواهم تمثّل رأي أصحابها ، وهي معرضة للخطأ والصواب وليست حجّة على