غيرهم.
مضافاً إلى ذلك ، يلاحظ : أنّ المؤلّف ـ بدلاً من أن يستقطب أكثر عدد ممكن من قائمة الفقهاء إذا به يستقطب أكثر عدد ممكن من فتاوى فقيه واحد أو أكثر. فمثلاً نجده للتدليل على وجهة نظره ـ يتّجه إلى العلامة في مختلف كتبه مثل التذكرة ، المنتهى ، التحرير ، القواعد ، الإرشاد ... الخ ، فيسجّل نفس الفتوى متكررة في الكتب المذكورة ومن الواضح أنّ مثل هذا المنهج لا يخدم وجهة نظر المؤلّف ، لأنّه لم يصنع شيئاً أكثر من أنّه نقل رأي فقيه واحد في مجموعة مؤلفاته ، لا أنّه نقل رأي مجموعة من الفقهاء حتى تتعزز بها فتواه.
أمّا ما يتصل ب ( أفكار ) المؤلّف ، فإن أهم ما يلفت الانتباه فيها بعد أن عرضنا عابراً لحصيلة أفكاره أن نجده ( يشكّك ) في نيابة الفقيه من حيث صلاحيّته في التعامل مع مشكلات الخراج : إذناً ، وجباية ، في حين لا يتردّد البتة في صلاحية السلطة الزمنية.
وبالرغم من أنّ وجهة نظره عن ( السلطة الزمنيّة ) لها ما يسوّغها ، مادامت النصوص أقرت مشروعيّة تقبيل الأرض وغيره من قبل السلطة الزمنيّة ، بيد أن هذا يجعل القناعة ب ( نيابة الفقيه ) أشدّ مشروعيّة ، دون أدنى شك ، ما دام المؤلّف ذاته يحتج في جملة ما يحتج به على مشروعيّة التعامل مع السلطة الزمنيّة أن للمسلمين ( حقّاً ) في بيت المال. والفقيه دون ريب أولى من غيره بمعرفة ( الحقّ ) وإيصاله إلى أصحابه. وأيا كان : فلكلٍّ وجهة نظره.
أخيراً : نقدّم هذه الرسالة القيمة إلى القارئ الكريم ، آملين أن يفيد منها ، بخاصّة إنّها تجسد رأي واحد من كبار فقهائنا الذين لا يكاد يتجاهله أيّ باحث يمارس عمليّة ( البحث المقارن ) ، فضلاً عن أن فقيهنا المذكور كما ينقل مؤرخوه لم يقتصر في نشاطه على البحث العلمي فحسب بل تجاوزه إلى ميدان الاصلاح الاجتماعي متنقلاً في جملة من البلدان ، مساهماً بذلك في توعية الجمهور إسلاميّاً ، الأمر الذي يضفي على شخصيّته تقديراً خاصّاً ، يجعل من التعرّف على رسالته التي بين يديك أهميّة ذات خطورة دون أدنى شك.