ومذهب أهل السنّة والجماعة : إنّ الإمام الحقّ بعد عثمان كان عليّ ابن أبي طالب ، ولا نزاع لأحد من أهل السنّة في هذا ، وإنّ كلّ من خرج على عليّ كانوا بغاة ، على الباطل ، ولكن كانوا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، ينبغي أن يحفظ اللسان عنهم ، ويكفّ عن ذكرهم وما جرى بين الصحابة ، لأنّه يورث الشحناء ويثير البغضاء ، ولا فائدة في ذكره.
وأمّا ما ذكره من مطاعن معاوية فلا اهتمام لنا أصلا بالذبّ عنه ، فإنّه لم يكن من الخلفاء الراشدين حتّى يكون الذبّ عنه موجبا لإقامة سنّة الخلفاء وذبّ الطعن عن حريمهم ، ليقتدوا بهم الناس ، ولا يشكّوا في كونهم الأئمّة ، لأنّ معظم الإسلام منوط بآرائهم ، فإنّهم كانوا خلفاء النبوّة ووارثي العلم والولاية.
وأمّا معاوية فإنّه كان من ملوك الإسلام ، والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن ، ولكن كفّ اللسان عنهم أولى ، لأنّ ذكر مطاعنه لا تتعلّق به فائدة ما أصلا ... وقد قال رسول الله : لا تذكروا موتاكم إلّا بالخير ... » (١).
أقول :
في هذا الكلام ، ينصّ الفضل على عدم اهتمامهم بالذبّ عن معاوية ، لكنّ أبناء تيميّة وحجر وكثير والعربي وأمثالهم يهتمّون الاهتمام البالغ بالذبّ عنه ، ولو سلّمنا صدق الفضل ـ ولو في حقّ نفسه في الأقلّ ـ
__________________
(١) دلائل الصدق ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٣.