ثلاث عشرة سنة ، وبعث به الثوري إلى المهدي في رسالة ، فعرض عليه المهدي تبرا (١) ، فلم يقبله ، وكان من أجلة أصحاب الثوري ، وكان لعصام امرأة يقال لها : عافية ، وكانت تحدث وتقول : هذا مما أهداه إليّ سفيان بيدي زوجي عصام جبر ، وكانت متعبدة (٢).
حدثني محمد بن يحيى ، قال : سمعت محمد بن جبر يقول : سمعت أبي يقول : لما أراد سفيان الثوري أن يكتب إلى المهدي ، قال لي : احمل كتابي. قال : قلت : يا أبا عبد الله ، أنا رجل جبليّ ، ولعلّي أسقط بحرف ، فيدخل عليك من ذاك ، فقال لي : لا تقل إلّا بما تعلم ، فرأى هؤلاء الذين بحولي ـ يعني أصحاب الحديث ـ يودّ أحدهم أنّي وجهته ، فيرى أنّي قد أسديت إليه معروفا. قال : فكتب الكتاب ، فحملته ، فصرت إلى باب المهدي ، فقلت : صاحب سفيان ، فقالوا : كذبت. سفيان مطلوبا في الدنيا لا نقدر عليه. قال : فجاء أبو عبيد الله ، فأنزلني ، وسأل عني حتى عرفت ، ثم جاء أبو عبد الله ، فقال : أجب. قال : فأدخلني على المهدي ، وإذا هو جالس ، فقال لي : اقرب ، وقال لي : ممن الرّجل؟ قلت : من همدان. فقال : من أنفسهم أم من مواليهم؟ فقلت : أمّا من حديث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فمن أنفسهم. قال : فجرى كلام ، ثم قال : لو أنّ أبا عبد الله جاء بالكتاب اتزر بإزار ، وارتدى بأخرى ، فأضع كفي في كفه ، ثم خرجنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ثم قال : أما إنّه قد جاء أصحاب الحديث ، فوعظوني فاتعظت ، وبكوا فبكيت معهم ، فما كان بأسرع أن أخرج كلّ رجل منهم رقعة ، حاجتي كذا وكذا. قال أبو عبد الله : وزادني غيره ، قال لسفيان : لو أتيتهم يا أبا عبد الله. قال : حتى يعملوا بما يعلموا ، فإذا عملوا بما تعلّموا لم يسعني إلّا أن آتيهم ، ثم قال لي : أترى أنّي أخاف هوانهم. إنّما أخاف كرامتهم. قال : ثم قدمت على سفيان بالبصرة ، فقال لي : الحق بأهلك ، والحقني بالكوفة ، فقدمت
__________________
(١) في ن ـ أ ـ ه «برا» (والتصحيح من «أخبار أصبهان» ٢ / ١٨٧).
(٢) انظر «أخبار أصبهان» ٢ / ١٨٧.