فقال من حضر من أصحابنا : سفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يصبح جنبا (١) ، قال : من؟ قلنا : أبو نعيم (٢) ، فقال : قد نظرت في كل ما عند أبي نعيم ، عن سفيان ، وليس فيه هذا. قال : ثم ذكرنا له أحاديث ، فلم يمكن يجيبنا جوابا شافيا ، فاستقصينا عليه ، فقلنا : نحتاج أن تعطينا خطّك في هذه الأحاديث ، فامتنع ، فلما استقصينا عليه قلنا له : فدلّنا على إنسان نسأله ، فقال : لا أعرف اليوم أحدا أحذق بهذه الصناعة من أحمد بن الفرات الرازي (٣) ، وعباس (٤) الطبري.
قلنا : أما عباس فلا نعرفه ، وقلنا : هو يردّنا الى أبي مسعود.
وحكى عن أبي بكر (٥) الأعين ، قال : وقع إلينا الخبر أن أبا مسعود قادم فعنينا له ، ونظرنا في الكتب ، وسهرنا ، فلما جاء لم يكن عنده شيء (٦) ، وبلغني أن رجلا قال لأبي مسعود : إنّا ننسى الحديث ، فقال : أيكم يرجع في حفظ حديث واحد خمسمائة مرة (٧)؟ قالوا : ومن يقوى على هذا؟ فقال : لذاك لا تحفظون.
__________________
(١) لم أجده من الطريق المذكور هنا ، والحديث صحيح متفق عليه ، فقد أخرجه البخاري في «صحيحه» (٣ / ٣٨) الصوم ، باب الصائم يصبح جنبا ، ومسلم في «صحيحه» (٧ / ٢٢٠ ـ ٢٢٤) مع النووي الصوم ، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر ، وأبو داود في «سننه» (٢ / ٧٨١ ـ ٧٨٢) الصوم ، باب فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان ، والطيالسي في «مسنده» (١ / ١٨٧) الصوم ، والدارمي في «سننه» (٢ / ١٣) الصوم ، باب فيمن أصبح جنبا ، وهو يريد الصوم ، ولكن عندهم جميعا من حديث عائشة ، وأم سلمة سوى الطيالسي ، فهو عن عائشة ، وعامر أخي أم سلمة مرفوعا نحوه.
(٢) هو فضل بن دكين. تقدم (في ت رقم ١).
(٣) كذا في «التهذيب» (١ / ٦٧) باختصار.
(٤) الغالب أنه العباس بن الفضل بن رشيد الطبري. سكن بغداد ، وحدث بها ، وذكره الدارقطني ، فقال : «صدوق» انظر «تاريخ بغداد» (١٢ / ١٤٧).
(٥) أبو بكر الأعين : هو ابن أبي عتاب ، وأعين بعين مهملة ، وياء معجمة مثناة من تحت ، كما في «الإكمال» (١ / ٩٩).
(٦) في الأصل : شيئا.
(٧) في «التهذيب» (١ / ٦٧) باختصار «أن أبا مسعود» كان يقول : إنه يكرر على كل حديث خمسمائة مرة.