والتابعون (١) يخافونه ، فقد ابتلينا بكثرة الهوى والخصومات في الله ، والمجادلة في القرآن ، وقد أميتت السنن ، وأحييت البدع ، وأرجو ـ إن شاء الله ـ لو لم يبق أحد في الدنيا إلّا رجل واحد من أهل السنة والجماعة ، لكان أكثر ؛ لأنه دين الله الأعظم ، الذي أظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وقد ينبغي يا أخي للعاقل أن يعرف أهل زمانه ، ولا يأتمن على دينه أحدا ، فإنّ العبد إذا علم أنّه خلق وحده ، ويموت وحده ، ويحاسب وحده ، وما قدّر الله له من الذنوب والخطايا ، لا يحمله عنه غيره ، يكون حذرا ، ويتوقع رسول ربّ العالمين عند كل نفس ، وعند كل كلمة ، وعند كل خطوة ، والدّنيا ميدان الله ، والمؤمنون خيل الله. اليوم المضمار ، وغدا السباق ، ولا يجاوز الصراط إلّا كل ضامر مهزول من خشية الله ، واعلم يا أخي ، أنّ الأمر جدّ ليس بالهزل ، واسأل الله أن يجعل مرافقتك مع أبي بكر الصدّيق ، وعمر الفاروق ، ومع عثمان ذي النورين ، ومع علي بن أبي طالب ، أخي رسول الله ، وابن عمّه ختن رسوله ، وسيف رسوله ، يبارز الأقران بين يدي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهؤلاء الخلفاء الراشدون (٢) المهديون الذين عملوا بطاعة الله ، وبكتابه ، وسنة نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
__________________
ـ ويخوّن فيها الأمين. وينطق فيها الرّويبضة قيل : وما الرّويبضة؟ قال : «الرّجل التافه. في أمر العامّة».
ولكن في إسناده إسحاق بن أبي الفرات بكر ، وهو مجهول كما في «التقريب» ص ٢٩ ، و «الكاشف» (١ / ١١٢). وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢ / ٢٩١) من الطريق المذكور أيضا ، ولكنّه رواه بطريق آخر في (٢ / ٣٣٨) ، عن أبي هريرة ، وله شاهد بلفظه عنده في (٣ / ٢٢٠) من حديث أنس رضياللهعنه ، وقال الهيثمي في «المجمع» (٧ / ٢٨٤) بعد ما ذكر الحديث المذكور : رواه أحمد ، وأبو يعلى والطبراني ، في «الأوسط» ، وفيه ابن إسحاق ، وهو مدلس ، وفي إسناد الطبراني ابن لهيعة ، وهو لين ، ورواه الطبراني في «الأوسط» ، و «الكبير» عن أم سلمة أيضا. قال الهيثمي : فيه عبد الله بن صالح ، كاتب الليث ، وهو ضعيف ، وقد وثق ، ورواه البزار أيضا عن عمرو بن عوف مرفوعا ، وفيه تصريح بالتحديث لابن إسحاق عن عمرو بن دينار ، وبقية رجاله ثقات ، فيحسن الحديث بطرقه.
(١) في النسختين : «والتابعين».
(٢) في النسختين : «الراشدين المهديين».