عن الحسن (١) بن أبي الحسن ، أنّه قال : أقلوا من معرفة الصالحين أن لا تفتضحوا في أعينهم يوم القيامة. لا أخلف الله ظنك ، ولا قطع رجاءك ، ولا فضحني في عينيك يوم القيامة ، وما ذكرت في كتابك من أمر العدو ، فمقصوم ومخذول ، وقد علم الله جلّ وجهه أن لا يقوى المخلوق على طاعة الله إلّا بمعونته ، والعدو مسلّط. فإن سلط كان له سلطان ، ولا راد لقضائه ، وإن عصم العبد ، فالعدو ذليل حقير ، ونستعين بالله بالكلمة التي ألهمها (٢) الله حملة العرش : «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» واعلم يا أخي أنّك في الزمان الذي وصفه الله ، فقال : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(٣). والزمان الذي لا تدري (ذا) (٤) المال من أين اكتسب ماله ، أمن حلال أم من حرام؟ يأكل الربا ، فإن لم يأكل أصابه من غباره (٥) ، والزمان الذي قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (٢٨١) : «يكذّب فيه الصّادق ، ويصدّق فيه الكاذب» (٦) والزمان الذي كان أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
__________________
(١) هو ابن يسار البصري. تقدم في ترجمة رقم ٣.
(٢) في النسختين «ألهمه».
(٣) سورة البقرة آية ١١.
(٤) زيادة بين المعكوفين اقتضتها سياق العبارة.
(٥) كأنه يشير إبراهيم الزاهد إلى ما ورد في الأحاديث الصحيحة في هذا المعنى ، حيث أخرج البخاري في «صحيحه» (٤ / ٢٩٦ و ٣١٣) مع الفتح (س) البيوع ، باب من لم يبال من حيث كسب المال ، وباب قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : «يأتي على النّاس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه».
وفي الرّواية الثانية ـ بما أخذ المال ـ أمن الحلال ، أم من الحرام؟. والنسائي في «سننه» (٧ / ٢٤٣) البيوع ، باب اجتناب الشبهات في الكسب ، وأبو داود في «سننه» (٣ / ٦٢٧) البيوع ، باب في اجتناب الشبهات ، وابن ماجة في التجارات ، باب التغليظ في الربا ، كلهم عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : ـ وهو للنسائي ـ «يأتي على النّاس زمان يأكلون الرّبا فمن لم يأكله أصابه من غباره» ، وعند أبي داود في رواية «بخاره».
(٦) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (٢ / ١٣٣٩) الفتن ، باب شدة الزمان ، عن أبي هريرة مرفوعا ، وأوّله «سيأتي على النّاس سنوات خدّاعات يصدّق فيها ....» وتتمته : «ويؤتمن فيها الخائن ، ـ