وأمّا مورد هذه القاعدة ، فإمّا أن يكون بالنسبة إلى نقل فعل المعصوم سواء علم وجهه كما لو أخذ مالاً من مسلم بإقرار أو شاهد ويمين ، أو برد اليمين على المدّعي ، أو لم يعلم وجهه كما لو اُخذ المال ولم يعلم وجهه ، وقد ذكروا في هذه الصورة أنّه لا يجوز التعدّي إلّا أن يثبت بدليل خارج ، كما لو دلّ الدليل على أنّه كلّما جازت فيه شهادة النساء ، منفردات أو منضّمات يجوز أخذه بالشاهد واليمين أو بالعكس .
وكما دلّ الدليل على أنّ اليمين المردودة بمنزلة الإقرار أو البيّنة ، أو حكم وضعي و سبب من الأسباب العامّة في إثبات الحقّ كالبيّنة ، أو يكون مورد الحكاية نقل حكمه في قصّته أو مادّة مخصوصة ، يجوز وقوعها على وجوه محتملة وعلى كيفيّات مختلفة يختلف باختلافها الحكم من دون سبق سؤال ، وهذه يقال لها قضايا الأحوال وقد ذكروا أنّه لا عموم فيها لاحتمال الإقتصار على المادّة المخصوصة فيكون في غيرها مجمل الحكم ، فلا يصحّ بها الإستدلال ما لم يفهم التعدّي بالأولويّة ، أو بالعلّة المنصوصة أو بالقطع بالغاء الفارق من إجماع أو عقل كما في قضيّة الأعرابي (١) .
ومن هذا القبيل مشيه ( صلّى الله عليه وآله ) في الصلاة فإنّه نقل فعل من أفعاله في مادّة مخصوصة معلومة الوجه ، وهو استحباب إزالة النخامة وترك الواجب لأجله ، ولا يعم إلّا في صورة أفضليّة المستحب على الواجب ، وهو نادر الفرض والوقوع في الأحكام الشرعيّة كأفضليّة السلام مع استحبابه على ردّه مع وجوبه ، وموجب القاعدة يقتضي الإقتصار على مورد الحكاية ، إلّا [ أنّ ] (٢) قوله ( عليه السلام ) يفتح منه أبواباً كثيرة ، كالنصّ على إرادة العموم وبيان الإجمال الثابت بالإحتمال .
فإن كان المقصود منه بيان النصّ على القاعدة ، كان دليلاً علی إصالة العموم في حكاية لأحوال وجعل الأفعال في ذلك كالأقوال ، ولم يفرّق بين قاعدة ترك التفصيل أو الإستفصال ، ورفع المنافاة بين القاعدتين بذلك وأنّهما من باب واحد ، فلاحاجة إلى الفرق بينهما كما ذكر الاُصوليّون بما عرفت .
وإن كان ذلك منه بياناً لعموم هذا الفعل بخصوصه ، وعدم اقتصاره على مورده كانت الرواية دليلاً لجملة من الأحكام الشرعيّة في غير مورد الفعل ، كالتعدّي من المشي إلى غيره ، ومن
____________________________
(١) عن أبي جعفر ( ع ) : أنّ رجلاً أتى النبيّ ( ص ) فقال : هلكت وأهلكت ، فقال ( ص ) : وما أهلكك ؟ ، فقال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ، فقال النبيّ ( ص ) : إعتق رقبة قال : . . . . الخ ( الفقية ٢ : ٧٢ / ٣٠٩ حيث استفادوا عدم الخصوصيّة في كونه أعرابيّاً ولا في كون المرأة أهلاً له .
(٢) الزيادة لاستقامة المعنى .