لماذا أبى إخوانى إلا أن أحمل فى مركبة لأقطع خطوات أتراهم ظنونى كسيح؟ ونظرت فرأيت مسجدا فيه" معهد شرعى" فقلت يا أخا إن هذا غير ما أبغى هذا معهد شرعى وأنا طلبى المجمع العلمى قال" إنما قالوا لى جامع دجنس وهذا هو الجامع وفيه المعهد" فأنقدته الليرة وأنا أحدث نفسى أن" روكفلر"(١١) كان خلقا أن يتناهى به سوء الحال فى القفز إذا كانت كل عشر خطوات تكلفه ليرة واستغنيت عن المركبة وسرت على قدمى إلى" سوق الحميدية" ودخلت فيه حيث أعلم أن المجمع قائم فإذا به ما زال هناك ولكن لا أحد به غير بضعة حجارين ينحتون حجارة ويرصفون بعضها إلى بعض فى أرض الفناء. وخفت أن أستقل سيارة أو مركبة وأنا عائد فيتقاضى السائق أو الحوذى فوق ما حصلت معى من مصر من مال. والحقيقة إنى لا أدرى كيف يطيق الناس هذا العيش فى الشام ولا من أين يجيئون بالمال حتى للكفية بمجردها؟
مسحت حذائى فطلب الرجل نصف ليرة أو خمسين قرشا ـ أو ما يعادل خمسة قروش مصرية ونصف قرش ، فصحت به" تظننى؟ ولكنه أصر فلم يسعنى إلا التسليم وعلمت فيما بعد أنه غلا وإشترطوا أنه كان ينبغى أن يكتفى بنصف هذا القدر أى بنحو ثلاثة قروش وحتى هذا لى بالزهيد. واحتجت إلى مناديل يباع الواحد من أمثالها فى مصر بعشرة قروش ، أو نحو ذلك ، فإذا الثمن هنا أربعون قرشا مصريا.
وسألت بعضهم : " ما أقل مبلغ تقدمه إلى خادم كلفته عملا؟ " قال : قد يرضى بربع ليرة ولكن يحسن أن تجعلها نصف ليرة قلت